وضاع، أو أَبَق إلى بعض النواحي والبقاع، ونحو ذلك من الأسجاع الثقيلة على الطباعِ، الكريهةِ في الأسماع.
النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة وأدنى ألا يَقَعَ الشَّكُّ والرِّيبَةُ، وكتابُ الله لا يَرِدُ بالعَبَثِ، ولا يأتيه الباطِلُ مِن بين يديه ولا مِن خلفه، فلو صَحَّ التعلُّقُ بمثل ما ذكره السَّيِّد للزم أن لا يَرِدَ الشَّرْعُ بذلك، لأنَّه قد يضيعُ الكتابُ ويُسرق، أو يَعْطَبُ وُينهبُ، وَيَنْسَى الشهودُ الشهادَةَ ما لم يَرَوْا خُطُوطَهُم، فيكون سبباً لذكرهم على القول بأنَّ الشهادة على الخطِّ لا تَصِحُّ، أو تكون موجبةً للشهادة بنفس معرفتها على القول الآخر، وعلى كلا التقديرين كان يلزم نسخُ هذه الشريعة، ومحوُ هذه الآية، لئلا يُقَالَ: سُرِقَ علمُ الشهود، واغتصبت شهادتُهم.
النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلاَّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل، وهذه المسألة معروفةٌ في الأصول، وفيها أنظار دقيقة، وتحتها إلزامات جليلة، ولستُ أُكْثِرُ بإيراد المعروف، ولا أتعرض لمجرد النقل إِلَّا فيما أخاف المنازعة في ثبوته، وأن أُعْزَى إلى الابتداع في القول به كما صنعتُ في نقل كلام الأئمة في الوِجَادَةِ، وكما سيأتي في نقل ألفاظهم في قبول المتأوِّلين، ونحو ذلك. فلهذا تركتُ نقلَ كلام الفريقين في هذه المسألة وما يلزم السَّيِّد من الإلزامات المنكرة إن كان قد اختارَ مذهبَ الأشاعرة، وما أَظُنُّ فِكْرَهُ في هذه المسألة قد بلغ إلى هذه الغاية، ولا تَغَلْغَلَ إلى هذا الشأوِ.
فنقول: لا شك أنَّ اسم الفاعل اللغوي قد يُشْتَقُّ للفاعل لمناسبات