للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدب خليل الله عليه السلام، وحُسنِ خطابه قوله: {وإذا مَرِضْتُ فهو يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى ربه مع أن الكل من الله.

ومنع العلماء من أن يقال: يا رب الكلاب والخنازير، وإن كان هو ربَّها، فإنه (١) إنما يُخصُّ بالمعظمات كربِّ العرش العظيم، وإلا وجب التعميم كرب كل شيء، ومن أحسن ما يدل على ذلك ما تكرر بمدح الرب عزَّ وجلَّ به من أنه تعالى بيده الخير، وهو على كُلِّ شيءٍ قدير، ولم يرد في كتاب الله تعالى التصريحُ بعكس ذلك، وهو مدحُهُ بأن بيده الشر وهو على كل شيء قدير، كراهة لإضافة الشر خصوصاً (٢) إليه إلاَّ داخلاً في عموم كل شيء، لأنه حينئذ يفيد صفة الربوبية لكلِّ شيء.

والوجه في ذلك أن كل شر واقع من الله تعالى فإنه وسيلة إلى الخير، وليس بشرٍّ بالنظر إلى حكمته، كما ذكره النواوي في أحد الوجوه في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - (٣): " والشر ليس إليك " ذكره في شرح مسلم (٤) وغيره.

وما زال أهل القرب والرسوخ في العلم على مذهب أهل السنة في نفوذ إرادة الله ومشيئته، وعدم التعرض لما في ذلك من خَفِيِّ (٥) حكمته، ولم تختلف في ذلك النبوَّات والكتب السماويات.

وقد قال الإمام البيهقي رحمه الله في " الأسماء والصفات " (٦): أخبرنا أبو


(١) في (ش): لأنه.
(٢) في (ش): بخصوصه.
(٣) في (ش) زيادة: الخير بيديك.
(٤) ٦/ ٥٩ ولفظه: والشر ليس شراً بالنسبة إليك، فإنك خلقته بحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين. والحديث تقدم تخريجه ص ١٣١.
(٥) في (ش): نفي.
(٦) ص ١٧١ من طريق مصعب بن سوار، عن أبي يحيى القتات، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>