للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قبائح الأسماء والأفعال، ويحب الاتصاف بالعدل والحكمة وإقامة الحجة وإعذار الخلق (١)، وإزاحة العِلَل الباطلة وكثيرٍ من أعمال المُبْطِلين، ولولا ذلك ما كَلَّفَهم، ولا نَصَبَ لهم حِساباً وموازين، وبعث رُسُلَهُ، وأنزل كتبه، وكتب أعمالهم، وأشهد ملائكته عليهم، فلمّا لم يقبلوهم أشهد جلودهم.

فنظرنا: هل المناسِبُ لهذا أن تُنْسَبَ ذنوبُهم إليه، ونقول: هي منه؟ أو إليهم، ونقول: هي منهم؟ فلا يشك عاقل أن القول بأنها منهم أنسب لما يحب ربُّنا لو لم يَنُصَّ على أنها منهم، كيف وقد نص عليه نصوصاً جمة كما أُوضحه الآن.

ثم قد أرشدنا إلى الأدب في العبارة فيما أنزل في كتابه على رسوله، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: ١٠٤] ومعناهما واحدٌ، لكن لما تعلق بأحدهما بعض المفاسد اللفظية كيف إلاَّ ما يُوهِمُ تَوْهِينَ حُجَجِ الله وحكمته التي شرع جميع ما ذكرنا لتقويتها وبيانها، حتى تسمى بالحق المبين ليكون آخر كلام الخلائق يوم الدِّين {الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين} [يونس: ١٠] كما جاء في الكتاب المبين.

وهذه مقدمةٌ أحببتُ تقديمها تمهيداً لما أُورِدُه من الأدلة على بطلان هذه العبارة التي ظنَّ المغتَرُّ بها أنه ترجم بها عن مذاهب السلف وأهل السنة، بل ظن أنه ترجم بها عن الكتاب والسنة، فعَظُمَ خطؤه، وفَحُشَ في ذلك.

والأدلة على ذلك لا تُحصى، وقد رأيت أن أجعلها أنواعاً، كل نوعٍ يشتمل على الإشارة إلى أدلةٍ جَمَّةٍ.

النوع الأول: ما يَدُلُّ على أن الكفر وكُلَّ قبيح من العباد بلفظ " من " المسمى بحرف الجر الذي معناه الابتداء من غير استقصاء، فلنذكر هنا نَيِّفاً وعشرين آية من كتاب الله تعالى، من ذلك:


(١) في (أ): الحق، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>