للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تناظروا (١) فيه، ومن غير أن يستقبح ذلك منهم واحد، بل اجتمعوا على استحسان ذلك، وقررهم عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ولو كان ذلك لا يُعرف إلا (٢) بالشرع، لكانوا قد أقدموا على قبيحٍ في عملهم بكلام الرسل التي جاءتهم من عنده عليه السلامُ، ولو كان عملهم في ذلك قبيحاً، لما أقرهم عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

فثبت بذلك أنَّ العمل على قول من يُظَنُّ صدقُه حسنٌ عقلاً، معمول به قديماً وحديثاً إلا ما خصَّه الدليل الشرعي من ذلك، فيُقرر حيث ورد، ويُعمل بدليل العقل فيما عداه. وقد كفانا مؤنَة الاحتجاج في هذه المسألة بهذا الوجه العقلي أبو طالب في كتاب " المجزىء " وكذلك المنصورُ بالله، وأبو الحسين، فمن أراد تحقيقها، فليطالعها في مصنفاتهم.

الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة، ودفعُ الضرر المظنون عن النفس واجبٌ، والمقدمة الثانية اتفاقية، وبيانُ المقدمة الأولى أن الثقة من المتأولين متى أخبرنا بتحريم الشيء، وظننا صِدْقَهُ، فإن ظن صدقه يستلزم ظنَّ العِقاب المتوعّد به على ارتكاب الحرام، وكذلك إذا أخبر بوجوبِ الواجب، وكذلك إذا أخبر بإباحة إلمباح، فإنه ليس لنا أن نُخَالِفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تحريم ولا إيجاب.

الحجة السابعة: أنّه (٣) إمَّا أن يحصل بخبرهم الرُّجحانُ أو لا، إن لم يَحْصُل الرجحانُ، ثم يُقبلوا، وإن حصل الرجحانُ، فإما أن يعمل بالراجح، أو المرجوحِ، أو يساوي بينهما، وترجيحُ المرجوح على


(١) في (ج): ولا يتناظروا.
(٢) ساقطة من (ج).
(٣) ساقطة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>