للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعباده الكفر، وأنه (١) يرضى الشكر، وقال تعالى بعد ذكر (٢) كثيرٍ من القبائح {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨] وقد أجمعت (٣) الأمة على أن المعاصي تُسمى مكروهةً ومسخوطةً، ثم لم يرد شيء من الكتاب والسنة معارض لهذه الآيات في (٤) الجانبين مُعارضةً صريحةً (٥) تقتضي أن الله تعالى يريد ما يعلم أنه لا يكون، أو تقتضي أنه يحب شيئاً من القبائح، أو يكره شيئاً من الحسنات، فالمُتَّجه (٦) في الجمع بينهما أن ما أحبه الله عزَّ وجلَّ من الأعمال، فإنما الواجب أن يقع منه ما أراد وقوعه عند أهل السنة كمن (٧) أحب من العاملين، وما كَرِهَ من الأعمال، فالواجب أن لا يقع منه ما أراد عدم وقوعه دون ما لم يُرِدِ العصمة عنه لحكمة، كمن سَخِطَ من العاملين، فإنه يلزم من إرادته وجودهم لحكمة أن يحبهم وأن لا يسخطهم، وسيأتي زيادة بيانٍ لذلك.

فلذلك فرّق أهل الحديث والأثر وأتباع السنن بين الإرادة والمشيئة، وبين المحبة والرضا، وقرَّروا النصوص في عموم نفوذ المشيئة والإرادة، وخصوص تعلُّق المحبة والرضا وهو الصواب كما يتضحُ إن شاء الله تعالى، ويتضح أن هذا كلمة إجماع بين أهل البيت عليهم السلام في القرون الثلاثة التي هي خيرُ القرون مع إجماع أهل السنة عليه من أهل البيت وغيرهم إلى الآن، ولا يزالون على ذلك إلى يوم القيامة، كما ورد في البُشرى (٨) النبوية الصادقة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.


(١) في (أ) " فإنه.
(٢) مكان قوله: " وقال تعالى بعد ذكر " بياض في (أ).
(٣) في (ش): واتفقت.
(٤) في (ش): من.
(٥) في (أ): صحيحة.
(٦) في (ش): فالمتخير.
(٧) في هامش (ش): ممن.
(٨) يشير إلى الحديث: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " لفظ مسلم (١٩٢٠) من حديث ثوبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>