للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم على الجُنُوبِ (١).

وكذلك يجب بذلُ الوُسْعِ في تَعَرُّفِ ما آتانا (٢) الله، وأمرنا بأخذه، وذكر ما فيه، وبذل الوسع في ذلك حسبَ الطاقة ومراتبها، فأعلى المراتبِ أن نعلمَ اللفظَ والمعنى، وهذا يكون في كثير من القرآن، وكثير من السنة المتواترة، ودُونَ هذه المرتبة أن نعلَم اللفظ ونظن المعنى، وذلك يكون (٣) أيضاًً كثيراً في القرآن والمتواترِ مِن السنة.

والمرتبة الثالتة أن نظنَّ اللفظ والمعنى، أو نعلم المعنى، ونظن اللفظ وكلاهما في السُّنَّةِ المنقولة بطريق الآحاد، وهما متقاربان.

واعلم أنَّه لو لم يجب علينا مِن ألفاظ السنّة إلاَّ ما علمنا، لما وجب علينا من معاني القرآن إلاَّ ما علمنا، لأن ذلك كُلَّه يرجِعُ إلى العمل في الشريعة بالظن، وذلك يؤدّي إلى خلاف الإجماع، ومما يؤيِّدُ ما ذكرته في العمل بالمظنون مما آتانا الله من الشريعة أنَّه تعالى لما أمرنا بِبِرِّ الوالدين والأقربين، والصدقة على المساكين وجب في ذلك أنَّه يُراد به من ظننا قرابته ومن ظننا فقره ومسكنته، لأنَّه لا طريقَ معلومة إلى معرفة القرابة والفقر غالباً، وأمثالُ ذلك في الشريعة كثيرة.

الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ


(١) أخرج البخاري في " صحيحه " (١١١٧)، وأبو داود (٩٥٢)، والترمذي (٣٧٢) عن عِمران بن حصين، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة المريض، فقال: " صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب " وانظر " الفتح " ٢/ ٥٨٨.
(٢) في (ب): أتى.
(٣) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>