تكون شهادة المجبرة والمشبهة مقبولةً عنده قَدَّسَ الله روحه وكذلك عند الهادي، والقاسم، يدل عليه أن الجبر والتشبيه من جهة التأويل والتدين، فوجب قبولُ شهادتهم.
فهذا نصُّ " اللمع " كما ترى في الإفصاح بأنهم من أهل التأويل والتدين. ولم يزل هذا النص مقروءاً منذ صنف كتاب " اللمع "، بل مِن قبله بدهرٍ طويل في محافل العلماء والفضلاء، ومساجدِ الزيدية، ومدارسها، ما أنكره أحد، ولا اعترض عليه، ولا شكَّكَ فيه، ولا عُرِفَ في تأويلهم خلاف ألبتة حتى جاء السيد -أيده الله- فرَضيَ لنفسه ما لا يرضاه له صديق مِن مخالفة عادات العلماء، والغلو في التَّعنُّتِ والتشديد، وإنما خلاف المتقدمين والمتأخرين في أن الجبرية كفارُ تأويل أم لا، وفي أنهم يُقْتَلُونَ أولاً، وأما أنهم كفارُ تصريح، فما صَرَّحَ بالخلافِ في هذا أحدٌ قبل السيدِ -أيده الله- فيما نعلم، والذي جَهِلْنا أكثرُ مما علمنا بغير شك، فإن كان السيد يعرف منْ صرَّحَ مِن أهل البيت بأنهم كفار تصريح فليُفِدْنا ذلك، فغير منكر أن يعلمَ -أيده الله- ما لم نعلم، فهذا الوجه ذكرتُه، لأن القسمة العقلية تحتمِلُه، وما أظُنُّ السيدَ يقول إلا بالوجه الأول وهو أن العلمَ بعنادهم مما لا يجب اشتراكُ العقلاء فيه، لكن إذا كان مما لا يجب اشتراكُ العقلاء فيه فكيف غَفَلَ السيد، واحتج على الخصم بذلك؟
الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن لذلك مما يستندُ إلى الأمارات، والأمارات مما لا يختص بالكفار، وكذلك تَعَمُّدُ لباطِل ممكنٌ في حقِّ الكفار والمسلمين، وسواءٌ كان ذلك الباطل كفراً أو فسقاً، أو معصية ملتبسة، فيلزم السيد -أيده الله- أن يجيز الاحتجاجَ على الخصوم بالجرح المستند إلى فهم تعمد الباطل في حقِّ أهل العدل والتوحيد