للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوسواس عن (١) من ابتُلي به إمَّا عقوبة له على التعنُّت، وتركِ الإيمان بما يوجب الإيمان (٢) أوَّل مرة أو غير ذلك.

فإن قيل: قد وَرَدَ في السمع وجوبُ البيان على العلماء، فالجواب من وجوه:

أحدها: أن ذلك محمولٌ على بيان ما لم يُبينه تعالى من السمعيات. ألا ترى أنَّ ما بيَّنه بعض العلماء لم يجب على الباقين القيام ببيانه؟ فكذلك (٣) ما بينه الله تعالى أولى وأحرى؛ ولأنه تحصيلُ الحاصل، فلا يجِبُ، وغايةُ ما في هذا أنه تخصيصٌ بدليل العقل، فهو جائزٌ، بل التخصيص بالقياس الظني جائز عند كثيرٍ من أهل العلم، منهم أئمَّة الإسلام الأربعة رضي الله عنهم.

الوجه الثاني: أنا نخصُّ هذا العام بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لم يشتغل ببيان كيفية النظر في الأدلة، وترتيب المقدمات وتحرير العبارات، بل دعا الناس إلى الإسلام، وقاتلهم عليه، وبلَّغ ما أوحى الله إليه، والعلماءُ ليس هُم بأبلغ من الأنبياء، وقد قال تعالى (٤) في حق الأنبياء: {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [يس: ١٧]. فكذلك العلماء، وإنما العلماء ورثة الأنبياء، وأهل الكتاب والسنة قد قاموا بالوراثة النبوية على التمام والكمال، ورأوا أن الزيادة عليها من قبيل (٥) البدَع، بل من قبيل المنافاة لها، ونسبة التقصير إلى الموروث، عليه أفضل الصلاة والسلام،


(١) في (ب): على.
(٢) " بما يوجب الإيمان " ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): وكذلك.
(٤) في (ش): الله تعالى.
(٥) في (ش): فتنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>