للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك كان اعتقاد جميع المسلمين حتَّى المعتزلة والشيعة إلاَّ مَنْ تَلَقَّن الكلام، ومَرِضَ قلبه بدائه أن مشيئة الله نافذة، وأنه سبحانه لا يشاء أمراً من هداية عاص أو غيرها إلاَّ وقع مراده على ما أراده، ومن شك في هذا فليختبر، وليُجَرِّب، وليسأل كل مسلم لم يعرف علم الكلام عن ذلك، وهذا دليل بثبوت ذلك متواتراً ينقله (١) الخلف عن السلف، وفي كلام أهل البيت عليهم السلام لتقرير ذلك نصوصٌ خاصة لا يمكن تأويلها وعمومات ظاهرة.

أما النصوص، ففي موضعين: الموضع الأول في تراجم قدمائهم في كتب الرجال، والثاني: في تصانيف سائر علمائهم المخالفين لأهل الاعتزال.

أما الموضع الأول فكثير ممن روى ذلك عنهم الإمام العلامة جمال الدين المِزِّي في كتاب " تهذيب الكمال في معرفة الرجال " (٢)، ولو تتبع ذلك لطال، ولنقتصر مما في كتب الرجال على المنقول عن الإمام المقَلَّد المقتدى به منهم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فقد روى عنه المزي المذكور، والذهبي في " تذهيب التهذيب " (٣) كلاهما من طريق مُطَّلِب بن زياد الكوفي، وقد وثَّقه أحمد بن حنبل، وأبو داود (٤)، وابن معين، قال: جاء رجلٌ إلى زيد بن علي، فقال له: أنت الذي تزعم أن الله تعالى أراد أن يُعْصَى؟ فقال زيد بن علي: أفَيُعْصى عُنْوةً؟!


(١) في (ش): ثبوت ذلك متواتر بجملة.
(٢) وهو من منشورات مؤسسة الرسالة، وقد تم طبع ما يقرب من ثلثيه في عشرين مجلداً، والباقي قيد الطبع.
(٣) لم يرد هذا النص عند المزي في " تهذيب الكمال " كما توهم المؤلف، وإنما هو مما زاده الإمام الذهبي في " تذهيب التهذيب ". انظر المجلد الأول الورقة ٢٥٤/ب منه.
(٤) في " تهذيب التهذيب " وغيره: قال أبو داود: هو عندي صالح، ووثقه أيضاً العجلي وعثمان بن أبي شيبة، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وكذا ابن شاهين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وعن أبي داود قال: رأيت عيسى بن شاذان يضعفه، وقال: عنده مناكير، وضعفه ابن سعد جداً، وقال ابن عدي له أحاديث حسان وغرائب، ولم أر له منكراً، وأرجو أنه لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>