المخالف له فيها على الخطأ قطعاً؟ ما كأنَّه قد خاض في علم النظر يوماً واحداً، والفرق بين هذا وبين الإشكالِ الثاني أنا ألزمناه في الثاني أن تكونَ علميةً مع إقراره أن أدلتها ظنيةٌ، هذا خلف، وها هنا ألزمناه عكسَ ذلك، وذلك أنَّه ادَّعى أنها قطعية، فألزمناه أنها ظنية.
الإِشكال الخامس عشر: إذا كنتَ استدللتَ بأدلة ظنية، وادعيتَ القطع بأن الحقَّ معك، وأن خصمَكَ على الباطل، فما يمنع خصمَكَ من مثل هذه الدعوى؟ بل: ما يمنع من مثلها في كثيرٍ من مسائِلِ الفروع، وإنما بين المتناظرين الأدلة المفيدة للعلم، فمن ادعى القطعَ بأنَّه محق، وأن خصمَه مبطل أظهر ما عنده مِن البراهين المفيدة للعلم القاطعة للأعذار، وأما لو كَانَ مَن ادَّعى الحَقَّ كفاه أن يقول: لأني ظننتُ أنَّه حق بأمارات ظاهره لا تخفي على أحد، وظننتُ أن قولَ الخصوم (١) باطل مثل ذلك كان هذا الكلام مقدوراً لكل أحد.
الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين، فيلزمه القطعُ بتكذيب من ادَّعى الإجماعَ من الأئمة مثل: المنصور بالله، ويحيى بنِ حمزة وغيرهم ممن يأتي ذكره. أقصى ما في الباب أن يقول: إنَّهم لم يكذبوا عمداً لكنهم قد كذبوا عندك على سبيلِ الخطأ، لكن دعوى الإجماع ليست من مسائل الفروع التي كُلُّ مخطىءٍ فيها مصيب ومعذور.
الإشكال السابع عشر: يلزم السيدَ -أيده الله- الإنكارُ على مَنْ خالفه في هذه المسألة، وتحريم النزاع فيها، لكن لم يزل العلماءُ قديماً