للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجوابُ: أن مَنِ ارتكب محظورَ دينه لا يُفرق أن يكذب في خبره وشهادته بخلاف الاعتقاد، لأن تأويلَهُ يُزيل التُّهمة.

فإن قيل: لو ارتكبه مع العلمِ، أثَّرَ في خبره، فمعَ الجهل أولى، لأنهما (١) معصيتان.

قلنا: مع الجهل والتأويل رباطُ التمسك بالدِّيانة لم يَنْحَلَّ، فإذا أقدم مع العلم فقدِ انحلَّ، يُوضحه مَن استخفَّ بأبيه مع العلم لا يكونُ كمن استخفَّ وهو لا يعلم أنَّه أبوه، وكذلك مَنْ كشف عورتَه بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعلمُه لا يكون (٢) كمن كشف وهو يعلمُه، لأنَّه يكفر. إلى قوله: فأما الفتوى، فأبو القاسم جرى على أصله، وقال: يُقْبَلُ خبرُه وفتواه إذا كان مِن أهل الاجتهاد، والشيخان مرَّا على أصلهما، وقالا: لا يُقبل خبره ولا فتواه، والقاضي فرق بينهما.

قلتُ: وكذلك الإمامُ يحيى بنُ حمزه، فإنه اختار في " المعيار " أنه يجوز قبولُ فتواهم مثلَ قول أبي القاسم البلخي.

الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام " رحمه الله في كتاب الوصايا في باب ما يجوز من الوصية وما لا يجوز، فإنه قال فيه ما لفظه: وقولُنا إنَّ الوصية لا تجوزُ إلى الفاسقِ يُريدُ الفاسقَ المجاهر، فأما الفاسق مِن جهة التأويل، فلسنا نُبْطِلُ كفاءَته في النكاح كما تقدم، ويُقبل خبرُه الذي يجعله أصلاً للأحكام الشرعية لإجماعِ الصحابة رضي الله عنهم على قبولِ أخبار البغاة على أميرِ المؤمنين عليه السلام، وإجماعُهم


(١) في (ب): لأنها، وهو خطأ.
(٢) في (ب): ليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>