وحديثاً يخوضون في هذه المسألة، ويذكرون الخلافَ فيها في كتب الفقه والأصول من غيرِ نكير مِن أحدِ الفريقين على الآخر، وهذا يقتضي بطلانَ قولِ السيد: إنها قطعية، ومما يدل على هذا أن أحداً ما سبق السّيّد إلى هذا القول فيما نعلم، وهذه كتب الأولين والآخرين والسابقين والمقتصدين والزيدية، والشافعية والمعتزلة والأشعرية ما نعلمُ أنَّ أحداً ذكر فيها أن هذه المسألة قطعية، وأوصدَ باب النزاع، وقطع طُرُقَ الخلافِ عنها إلا السيد أيَّده الله، فإنه سلك مسلك الغُلُوِّ في رسالته، والزيادة على أساليب العلماء في مصنفاتهم، فإن جميعَ مَنْ ذكَرَ هذه المسألة من العلماء ما زادوا على ذكر الخلاف والأدلة، وسكتوا عما يقتضي تأثيم المخالفين.
الإشكال الثامن عشر: أنَّه يلزمُ مِن كلام السَّيِّد نقضُ الأحكام المثبتة على شهادة المتأولين، لأن القاضي إذا أدَّاه اجتهادُه إلى مخالفة القطعيات نقض حكمه، وإن كان مذهباً له، إذ لا معنى للمذهب الباطل قطعاً، وهذا يؤدي إلى نقضِ أحكام كثيرة، فإنَّ مذهب الفقهاء مبني على جواز هذا، وكذا حكام مذهب الزيدية إنما عملُهم في الغالب بما هو منصوص في " اللمع "، والمنصوص في " اللمع " قبول شهادة المتأولين، بل هذا يُؤدِّي إلى الشك في الأحكام كلها، لأنا لما علمنا أو ظننا أن الحكامَ مستحلون للحكم بشهادة المتأولين، وكانت باطلةً قطعاً، وقد اختلطتِ الأحكامُ ولم نعلم ما ترتَّب منها على شهادتهم وما لم يترتب، وجب الوقفُ فيها كُلِّها إلا في ما ثبت لنا أن الحكم فيه لم يترتب على شهادة متأول وكذلك يلزمُ مِن هذا نقض أحكام المقلدين للمؤيد والفقهاء ومَنْ بنى مذهبه على قبول المتأولين.
الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين، سواء كانوا مجتهدين أو غيرَ مجتهدين، وسواء