للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أُخرِجَ من صلبه من يعبدني" رواه الطبراني (١)، ومعنى قَصْره: منتهاه.

وربما عبَّر عن المبتلي بالعزيز المقتدر، كقوله: {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: ٤٢]، كما أشار إليه في سورة الشعراء حيث قال بعد كل قصةٍ فيها تعذيب أعدائه الكافرين، ورحمة أوليائه المؤمنين: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: ٩] حتى تكرَّر ذلك ثمان مرارٍ بعد ثمان قصصٍ، فكان فيه تنبيهٌ لنا على تسمية العزيز القدير بالنظر إلى انتقامه (٢) من الكافرين، وإنزاله بهم المضار والعقوبات، وتسميته بالرحيم بالنظر إلى المؤمنين كقوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤٣].

وكذلك قد يُسمَّى بالدَّيَّان أو الحكيم أو خَفِى الحكمة في هذه المواضع، ونحو ذلك مما وَرَدَ به السمع واستُعمِلَ في الثناء، والله أعلم.

فإن قلت: فهل يدخل اسمه المانع في معنى الضار فيُستَحَبُّ اجتنابه في الأسماء الحسنى؟

قلت: كلا، فإنه قد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " لا مانِعَ لما أعطيت ولا مُعطِيَ لِما مَنَعْتَ " (٣).

وقيل: إن معناه المانع (٤) من المخاوف، والمنجي من المهالك، والله تعالى مانعٌ من الكفر وسائر المحرمات والقبائح والمذامِّ بالتحريم لها، والنهي عنها، والوعيد عليها.

على أن الطبيب إذا منع المريض من شهواته الضارة لا يُسَمَّى ضارّاً في


(١) في " الأوسط " كما في " المجمع " ٨/ ٢٠١، قال الهيثمي: وفيه علي بن أبي علي اللهبي وهو متروك.
(٢) في (أ): انتفائه، وكتب فوقها " انتقامه " على الصواب، وهي كذلك على الصواب في (ش).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) " المانع " سقطت من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>