أنَّهُم مُلاقُوا الله} [البقرة: ٢٤٩]. وأجمع أهل الِّلسان على أن اللقاء متى نُسِبَ إلى الحيِّ السليم من العمى والمانع، اقتضى المعاينة والرؤية، ولا ينتقِضُ هذا بقوله تعالى:{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}[التوبة: ٧٧]، فقد دلَّت الأحاديث الصحيحة الصريحة على أن المنافقين يرونه تعالى في عرصات القيامة، بل والكفار أيضاً كما في " الصحيحين " في حديث التَّجلِّي يوم القيامة، وسَيَمرُّ بك عن قريبٍ إن شاء الله تعالى.
وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل السنة:
أحدها: أنه لا يراه إلاَّ المؤمنون.
والثاني: يراه جميع أهل الموقف مؤمنُهم وكافرهم، ثم يحتجب عن الكفار، فلا يرونه بعد ذلك.
والثالث: يراه المنافقون دون الكفار. والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد، وهي لأصحابه، وكذلك الأقوال الثلاثة بعينها في تكليمه لهم.
ولشيخنا في ذلك مصنَّفٌ مفردٌ حكى فيه الأقوال الثلاثة وحُجَجَ أصحابها (١).
وكذا قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق: ٦]، إن عاد الضمير إلى العمل، فهو رؤيته في الكتاب مسطوراً مبيناً، وإن عاد على الرب تعالى، فهو لقاؤه الذي وعد به.