للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مقدور الله تعالى ولا في معلومه لُطْفٌ للعصاة، وإيجاب الثواب ينبني على قولهم: إن الواجبات كلها وَجَبَتْ لوجوهٍ ثابتة في نفس الأمر، لا بإيجاب الله تعالى، والله عندهم غير مختارٍ في الأحكام الشرعية.

وقد اكتفى بعض أهل السنة في رد مذهبهم باعتقاده أنه باطلٌ بالضرورة الشرعية وظنه (١) أنهم لا يتجاسرون على دفع (٢) ذلك، ولم يشعر أنه صريح مذهبهم (٢)، وهو يكفي السني (٣) في معرفة بطلان قولهم، فإنه يستلزم أنه لا فرق بين الرب عزَّ وجلَّ وبين المفتي بالصواب في الأمور المعلومات، ويلزمهم مثل (٤) ذلك في المظنونات، لأنهم يقطعون بتصويب كُلِّ مجتهد فيها، فيكون الصواب معلوماً للمفتي.

ومن تعاليلهم الركيكة في ذلك أن الصلاة وسائر الواجبات الشرعية إنما وجبت، لأنها لطفٌ في الواجبات العقلية على معنى أن الله تعالى علم أن من فعل واجباً شرعياً فَعَلَ واجباً عقلياً، والمحرمات الشرعية مفاسد في العقلية على معنى أن من فعل محرماً شرعياً فعل محرماً عقلياً.

وقد ألزموا أن من سَكِرَ من الخمر، قبح موته حتى يصحو، فمن واصل السكر كان في أمانٍ من الموت حتى يصحو، وحتى يرتكب قبيحاً عقلياً (٥) بعد صحوه. وكذلك من فعل واجباً شرعياً، كان في أمان من الموت حتى يفعل واجباً عقلياً.


(١) في (ش): " وظنهم " وهو خطأ.
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) في (ش): السنة.
(٤) من قوله: " أنه لا فرق " إلى هنا ساقط من (ش).
(٥) ساقطة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>