للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لأنك ذهبتَ إلى أن المرادَ بالآية تحريمُ قبولِ المتأوِّلين، وغير ذلك، فلزم منه وجوبُ قبول المؤمنين، لأن قبول خبرِ الثقات من المؤمنين في الحلال والحرام لا يكونُ مباحاً إنما يكونُ واجباً أو محرماً، لأن الإباحة في قبوله تقتضي التخييرَ، فيكون المكلفُ مخيراً إن شاء قَبِلَهُم، فحرم ما رَوَوْا تحريمَه، وإن شاء لم يقبلْهم، فحلَّ ما رَوَوْا تحريمه، وهذا لا يجوزُ، لأنَّه يُؤدِّي إلى أن تكون الشرائعُ موقوفةً على اختيار المكلفين.

سلمنا أنَّه لا يجبُ عليه ذلك من قبيل المفهوم، فإنَه يُمكن أن (١) يجب من حيث إِنَّ النهي عن الشيء أمرٌ بضده عند كثير مِن أهل العلم، فكان يلزمُ السَّيِّد أن يستدِلَّ بدليل قاطع ٍعلى بُطلان هذا القولِ حتى يصِحَّ له الاستدلال بهذه الآية، فإن دلالتها لا تكون قطعيةً مع قبولها لهذا الاحتمال وأمثالِه.

الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ، والسيد مُدَّع لعدم الاجتهاد في حقِّه، بل شاكٌّ في دخوله في الإمكان، وقد قالَ -أيّدَهُ الله- فِي كتابه: إنَّه لا يُستنتج العقيمُ، ولا يُستفتى منْ ليس بعليم.

الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم وشغب (٢) فيه كما تقدم، ثم إنَه فسر هذه الآيةَ الكريمة بهذا المعنى البعيد، فكيف التلفيقُ بَيْنَ تفسيره هنا، وتشديده هُناك!!

الإِشكال الثالث عشر: أن السيدَ ادَّعى أن المسألة قطعية، وهذه


(١) في (ب): أنه.
(٢) في (ب): شعب، بالعين المهملة، وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>