للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك حديثٌ صحيح لم يحضرني لفظه (١)، وكذلك اللعن لغير المستحق، ولا يتعرض حازِمٌ لمثل هذه الأخطار.

وثانيهما (٢): أن توثيقه غير واحد من غلاة الشيعة، وتوثيق النسائي له يدل على ذلك، وليس فيه دليل على أن العجلي لا يفسِّقه، فإنهم قد يوثِّقون الفاسق والكافر والرافض والجهمي (٣)، وهو مثل قول محمد بن إسحاق -مع أنه معتزلي-: حدثني الثقة، قيل له: من الثقة؟ قال: يعقوب اليهودي. رواها عنه الذهبي في ترجمته من " الميزان " (٤).

فقد يوثِّقون الصدوق في كلامه، وإن كان أبغض العصاة إلى الله، ولم يحتج العجلي على توثيقه إلاَّ بأن الناس رووا عنه، وهذا غير صحيحٍ، فلم يرو عنه إلاَّ الأقل، مما يدل على سوء حاله كما يأتي، ولو رووا عنه، فذلك ليس بدليل على توثيقهم له، كما ذكروه في علوم الحديث وفي الأصول.

ولهذا وأمثاله حكم علماء الحديث أن (٥) العالم الثقة إذا قال: حدثني الثقة، ولم يوضح من هو، لم يحكم بصحة الحديث، لجواز أن يخالفه في توثيقه لو بينه، إما بأن يعلم من حاله ما لا يعلم، أو بأن يختلف فيما يقتضيه حاله المعلوم للجميع.

وسر المسألة أن التوثيق ظني اجتهادي، ولا يجوز للمجتهد أن يقلِّد فيما هذا حاله مع التمكن، ومن هنا لم يصحِّحوا المرسلات (٦).


(١) ولفظه: " لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلاَّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ". رواه أحمد ٥/ ١٨١، والبخاري في " صحيحه " (٦٠٤٥)، وفي " الأدب المفرد " (٤٣٢)، والبيهقي في " الآداب " (١٥٨).
(٢) في (ش): وثانيها.
(٣) في (د) و (ف): " فالجهمي ".
(٤) ٣/ ٤٧١.
(٥) في (ف): " على أن ".
(٦) أي: جمهور أهل الحديث، وانظر في حجية المرسل واختلاف العلماء فيه فيما كتبناه في مقدمة المراسيل لأبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>