للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشكون فيها ثانياً؟

قال الشيخ: وقد ذهب إلى تحريم الكلام، وذمه أئمة الدين، وهم عمدة الإسلام والمسلمين، منهم الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وجميع أهل الحديث.

قال الشافعي رضي الله عنه: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك، خير من أن يلقاه بشيءٍ من الكلام (١).

وقال: حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد، ويطاف عليهم في العشائر والقبائل، ويقال (٢): هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام.

وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبداً، ولا تكاد ترى أحداً ممن نظر في الكلام إلا وفي (٣) قلبه دَغَلٌ.


(١) الخبر في " آداب الشافعي ومناقبه " ص ١٨٢ و١٨٧، و" تاريخ ابن عساكر " ٤/ ٤٠٥/١، وذكره البيهقي في " مناقب الشافعي " ١/ ٤٥٣ - ٤٥٤ عن يونس بن عبد الأعلى قالا: أتيت الشافعي بعد ما كلم حفصاً الفرد، فقال: غبت عنَّا يا أبا موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء، والله ما توهمتُه قط، ولأن يبتلى المرء بجميع ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه الله بالكلام. وعلق عليه البيهقي بقوله: إنما أراد الشافعي رحمه الله بهذا الكلام حفصاً وأمثاله من أهل البدع، وهذا مراد بكل ما حكي عنه في ذم الكلام وذم أهله غير أن بعض الرواة أطلقه، وبعضهم قيده، وفي تقييد من قيده دليلٌ على مراده، ثم نقل عن أبي الوليد بن الجارود قوله: دخل حفص الفرد على الشافعي، فكلمه، ثم خرج إلينا الشافعي، فقال لنا: لأن يلقى الله العبد بذنوب مثل جبال تِهامة خير له من أن يلقاه باعتقاد حُرِّفَ مما عليه هذا الرجل وأصحابه، وكان يقول بخلق القرآن.
ثم قال: وهذه الروايات تدلُّ على مراده بما أطلق عنه فيما تقدم، وفيما لم يذكرها هنا، وكيف يكون كلام أهل السنة والجماعة مذموماً عنده، وقد تكلَّم فيه، وناظر من ناظر فيه، وكشف عن تمويه من ألقى إلى سمع بعض أصحابه من أهل الأهواء شيئاً مما هم فيه.
(٢) " ويقال " ساقطة من (ش).
(٣) " في " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>