للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلعةَ الله الجنة" رواه الترمذي (١)، وقال: حديثٌ غريبٌ.

قلت: وما أحسن قول ابن الفارض (٢) في هذا المعنى:

بذلتُ له رُوحي لراحة قُرْبِهِ ... وغيرُ عجيبٍ بذليَ الغالي بالغالي

وقد تقرَّر في كتاب الله فضلُ الخوف في غير آيةٍ، كقوله تعالى: {ذلك لمن خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٨]، وقولِه: {وَلِمَنْ خَافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} [الرحمن: ٤٦]، وقوله: {إنَّ الذين يَخْشَونَ رَبَّهُم بالغَيْبِ لَهُمْ مغفرةٌ وأجْرٌ كبيرٌ} [الملك: ١٢].

ولنختم هذه الأحاديث بحديث الثلاثة المخلَّفين، لِمَا فيه من ترقيق القلوب القاسية، وتخويف النُّفوس الغافلة، ولذلك رواه البخاري في تسعةِ مواضعَ من " صحيحه ".

الحديث الموفي ثلاثين: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه -وكان قائد كعب من بنيه حين عمي- قال: سمعت كعبَ بنَ مالكٍ يحدِّثُ حديثه حين تخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فقال كعب بن مالكٍ: لم أتخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاةٍ غزاها إلاَّ غزاةَ تبوك، غير أني قد تخلَّفتُ في غزوة بدرٍ، ولم يعاتِبْ أحداً تخلَّف عنه، إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يُريدون عِيرَ قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدُوِّهم على غير ميعادٍ. ولقد شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ العقبِة حين (٣) تواثقنا على الإسلام،


(١) برقم (٢٤٥٠). وأخرجه أيضاً البغوي (٤١٧٣)، والقضاعي (٤٠٦)، وإسناده ضعيف، ومع ذلك صححه الحاكم ٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨، ووافقه الذهبي!.
قلت: وله شاهد من حديث أبي بن كعب رواه الحاكم ٤/ ٣٠٨، وأبو نعيم في " الحلية " ٨/ ٣٧٧.
(٢) في " ديوانه " ص ١٧٦ من قصيدة مطلعها:
أرى البعد لم يخطر سواكم على بالي ... وإن قرّب الأخطار من جسدي البالي
(٣) في (ش): " حتى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>