وقد اخْتَلَفَ العلماءُ في هذا الجواب الذي ذكره عليه السَّلامُ، فهو جوابٌ معروفٌ مُتَداوَلُ بين الأصوليِّين، فمنهم من قوَّاه، وهؤلاء نظروا إلى الجَهْر بعد التَكبيرة الأولى، ومنهم مَنِ اسْتضعفه، وهؤلاء نظروا إلى الجهر أوَّلَ الرَّكعة الثَّانية، وفي أول السورة بعد الفاتحة.
وَقَدِ اعتذر الشيخُ أبو الحُسين عن هذا بأن القارىء يبتدىء القراءَةَ بصوتٍ ضعيف، وفيه نَظَرٌ لوجهين.
أحدهما: أنَّه كان يلزمُ التّواتُر في التسمية عند قراءة السورة بعد الفاتحة، لأنها تكون بعد قوة صوت القارىء.
وثانيهما: كان يلزمُه أن لا يتواتَرَ الجهرُ بأولِ الفاتِحَة، لأنَّه يكون عند ضعفِ صوته، وأيضاًً فقد اشتركا في الجهر الذي يسمعهُ من بعده من المؤتمِّين سيَّما في الركعة الثانية، والحامِلُ على التَّبليغِ هو السماع، لا شدَّةُ الصَوتِ وخِفَّتُه، وقوَّتُه وضعفُه، بحيث لو كان ضعفُ صوته مستمراً، لنُقلَ أنَّه جَهَرَ.
وقد ذكر عن الفقيه علي بنِ عبد الله هذين الوجهين في الجواب في تعليقه على " الجوهرة "، وضعَّفَهُما.
إذا تقرر هذا، فهذه عِلةٌ مانعة مِنْ صِحَّة أحاديثِ الجهر، فَمَنْ ترك العمَلَ بها لهذه العِلة، لم يستحِق الإنكارَ عندَ أحدٍ من الأئِمَّة الأطهار، ولا عندَ غيرهم من عُلماءِ الأقطار، ولا يُنْسَبُ إلى تقديم الفُسَّاق على إمامي الأئِمَّة: الهادي والقاسم عليهما السَّلامُ.
الوجه الثامن: أنَّ هذِهِ الأحاديثَ الواردَةَ في هذه المسأَلَةِ هِيَ مِنَ