كلام المنصورِ باللهِ -عليه السلامُ- لبيانِ صِحَّةِ الحديثِ الذي احتج به -عليه السلامُ-.
ثم لِنَعُدْ إلى حكاية أقوالِ الأئمة والعُلماء في الرجوع إلى الخطِّ، فمن ذلك كلامُ الإمام يحيى بن حمزة -عليه السلام-، فإنه ذكر في كتاب " المعيار " طُرُقَ الرِّواية إلى أن قال: ورابعُها أن لا يكون متذكراً لسماعه ولا لقراءته لما في الكتاب، لكنه يَظُنُّ ذلك، لما يرى مِن خَطِّه أو قرينة غير ذلك، فهذا مما قد وقع فيه خلافٌ بَيْن العلماءِ، فذهب بعضُ أئمة الزيدية أن ذلك لا يجوز، وهو رأي الحنفية، وذهب الشافعيُّ إلى جوازه، وهو رأي أبي يوسف، ومحمد، واختاره ابنُ الخطيب الرازيُّ. والمختارُ عندنا: هو جوازُ العمل على ذلك، دون الرِّواية، لأن العمل إنَّما مستنده غلبةُ الظَّنِّ، وهذا حاصل ها هنا، فأمَّا الرِّواية، فلا بد فيها من أمر وراء ذلك، وهو القطع بمستندٍ يجوز معه الرِّواية. انتهى.
فانظر إلى تصريحه -عليه السلام- بأن العمل إنما مستندُه الظنُّ، وإتيانه بـ " إنما " المفيدة للحصر على سبيل المبالغة، لما كان هذا هو الغالبَ، وإلا فالعلم مستند للعمل صحيح، ولكن على سبيلِ الاتفاق، لا على سبيلِ الوجوب المتحتم، فلا يُشترط لذلك إلا الظَّنُّ، وانظر إلى قوله -عليه السلام- لما يرى من خطِّه أو قرينة غير ذلك، فأجاز العمل بأي قرينةٍ حصل معه الظَّنُّ، فانظر إلى تعليله بجواز العمل، وعدم جواز الرِّواية، فإنه واضح في بيان مقصده أنه يجوز العمل بالظَّنِّ الذي لا تَحِلُّ معه الرواية.
وقال الإمامُ المهدي محمدُ بن المطهر -عليه السلام- في كتابه