للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ صحيحٍ، بَلِ الأكثرُ منهم غيرُ ملتزم (١)، إن لم يكونوا كلُّهم غيرَ ملتزمين، وسيأتي بيانُ هذا قريباً.

تنبيه: فلو أنَّ السيدَ احتجَّ بتقريرِ عُلماءِ الأمَّةِ للمقلِّدين على ذلِك، لَكَانَ أقرب، وإنْ كان لا يَسْلَمُ من هذين الوهمين الأخيرين، فوهمانِ خيرٌ مِنْ ثلاثَةٍ، وبعضُ الشرِّ أهونُ مِنْ بعض، وحينئذٍ يتبيَّنُ ضعْفُ ما توهَّمَ السَّيِّدُ مِنَ الاحتجاجِ بِهذا الإجماعِ على وجوبِ الالتزام.

النظر الخامس: أنَّ السيدَ ادَّعى أنَّ التَّنَقُّلَ في المذاهب (٢) ما وقع البتَّة (٣)، ولا عَلِمَ بِهِ، وأنَّ أحداً مِنَ المقلِّدينَ ما عَلِمَ أنَّه كان هادويّاً في مسألة، ناصريّاً في مسألة، ولا شافعيَّاً في مسألةٍ، حنفيَّاً في مسألة، وهذا منَ السَّيِّدِ إمَّا غفلَة كبيرَة، وإمَّا جَحْدٌ للضَّرُورةِ، فإنَّ أكثرَ أَهْلِ الزَمَانِ غيْرُ ملتزمِينَ لمذهب إمامٍ مُعيَّنٍ، وَقَدِ اشْتهر مذهبُ النَّاصِرِ في طلاقِ البِدْعةِ في بلاد الزَّيْدِيَّة اليمنيَّة، مع اشتهارهم بعدم التزامِ مذهبِ النَّاصِر، والعملُ بهذا ظاهِرٌ مِنْ كثيرٍ من المفتين والمستفتين، وكذلك العَمَلُ بمذهَبِ المؤيَّدِ بالله في كثيرٍ من البُيوع مشهورٌ عِنْدَ كثيرٍ مِنْ أَهْلِ التَّمييزِ

ليس بِمُلْتَزِمٍ لمذهب المؤيَّد ِ.

والشَّافِعيَّةُ كذلِكَ لا يَقِفُونَ على مذهبِ الشَّافعيِّ في كثيرٍ من المسائلِ، حتَّى إنَّهم على غير مذهبه في الَأذان المتكرِّرِ كُلَّ يومٍ، فإنَّ مذهَبَهُ الجديد أنَّه لا يقال (٤) فيه: الصَّلاة ُ خير مِن النَّوْمِ، والقولُ القديمُ


(١) في (ب): الملتزم.
(٢) في (ش): المذهب.
(٣) في (ب): ما وقع في المذاهب البتة.
(٤) في (ش): " أن يقال " وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>