فقصر هؤلاء على أقل ما قصر عليه المؤمنين الذين وصفهم الله في الأنفال، وكذلك قصرهم على غير هذه الأوصاف في قوله:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: ١٥].
فلما اختلفت أوصافُهم التي قصرهم عليها، عرفنا أنها وردت على أسباب مخصوصةٍ، وعلى المدح بكمال الإيمان، كما يقال: إنما الغنى القناعة ويدل عليه قوله تعالى في آخر الأنفال [٧٤]: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال: ٧٤] فقصر المؤمنين على المهاجرين والأنصار، وقد قال بعد ذلك:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال: ٧٢]، وأوجب لهم النصرة في الآية، ثم قال بعد ذلك:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: