يُحرِّم نسبةَ ما في هذه الكتب إلى أربابها، والجواب عليه في ذلك مِن وجوه:
الأول: أنه لا فرقَ بين كتبِ الحديثِ وبينَ غيرها من سائر (مصنفاتِ) علماء الإسلام، بل كتبُ الحديثِ مختصَّة بصرفِ العنايةِ مِن العلماء إلى سماعها وضبطِها وتصحيحِها، وكِتابة خطوطِهم عليها شاهدٌ لمن قرأها بالسَّماع، ناطقة لمن سمِعَها بالإذن في روايتها، ولا يُوجد في شيء منْ كُتُبِ الإسلامِ مثلُ ما يُوجد فيها مِن العِنايةِ الكثيرة في هذا الشأن حتى صار كأن هذا خصيصةٌ لها دونَ غيرِها مِن العلماء -رضي الله عنهم- وتعظيمٌ لِشعارها، ورفعٌ لمنارها، ومعرفة أنها أساس العلوم الإسلامية، وركن الفنون الدينية. فلا يخلو السَّيِّد -أيَّده الله- إما أن يخُصَّها بتعفي رسومِ الإسناد إلى أربابها دونَ سائرِ المصنفات، فهذا عكسُ المعقول، لأنَّا بيَّنا أنها أقوى العلومِ أثراً في هذا الشأن، وإمَّا أن يُورِدَ هذا الإشكال على العلوم السمعية كلُّها، فهذا إشكالٌ على أهل الإسلام لأنه يلزم منه القدحُ في إسناد فقه الأئمة إليهم، وكذلك مصنفاتُ أتباعِهم، فيتعذَّرُ إسنادُ " اللمع "(١) إلى صاحبه وسائر مصنفات الفقهاء وحينئذٍ يتعذَّرُ الاجتهادُ والتقليد، أو يتعسَّران، وإذا كان كذلك، فما خصَّ علمَ الحديث بالترسُّلِ على مَنْ أراد معرفتَه، والتعسير لها، والتنفير عنها. وهلاَّ وضع السَّيِّد -أيده الله- رسالةً ثانيةً إلى مَنْ أراد قِراءة فِقه العلماء من الأئمة وغيرهم، وأخبر أنه لا يَصِحُّ معرفةُ قولهم، ونسبتُها إليهم حتى تعرف عدالة الرُّواةِ بينَنا وبينَهم، وأن ذلك متعسِّر أو متعذِّر.
(١) هو في فقه آل البيت، وصاحبه: علي بن الحسين بن يحيى بن الهادي، وفي الجامع الكبير بصنعاء الجزء الرابع منه انظر الفهرس ص ٢٨٤.