للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغَلِطَ عمر في قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: ٨٠] (١)، فالعربي حجةٌ ما لم يَتَّضِحْ غَلَطُه.

وقد قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: أو فَهْمٌ أُوتيه أحدٌ (٢).

ونصَّ القرآن (٣) على تفضيل سليمان على أبيه داود في الفهم.

وأما احتجاج المعتزلة بها على أهل السنة على أن الكبائر بمنزلة الشرك في الإحباط، وأن ذلك مستلزم الخلود، وقُبح العفو من الله، فمردودٌ لوجوه:

الأول: ما ذكرنا من جواز أن الإحباط بسبب تجويز الوقوع في الكفر بسبب الاستهانة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أجل أن ذلك قد يؤدي إليها على جهة التجويز جاء بأن المصدرية التي للتخويف، أي: مخافَةَ أن تحبط أعمالكم، ولو كان ذلك استهانةً محضة أو كانت الاستهانة لازمةً له ولا بد، لما جاء بهذه الصيغة.

الوجه الثاني: أنه فرقٌ واضح بين أن يقول: تحبط من غير إدخال " أن " المصدرية، ويكون مجزوماً في إعرابه، تقديره: إن تفعلوا ذلك تَحْبَطْ أعمالكم، وبين إدخال " أن " المصدرية، ولا شك أن الصورة الأُولى تدل على الإحباط وأن دخول " أن " قد غيَّرَ معناها إلى معنى التخويف الذي قد يقع وقد لا يقع. يوضحه ما في " صحيح البخاري " عن ابن أبي مُليكة عن عبد الله بن الزبير أنها نزلت في أبي بكرٍ، وعمر وأنهما كادا يَهْلِكان. رواه البخاري في


= (٢٩٧٠)، وأبو داود (٢٣٤٩)، والنسائي ٤/ ١٤٨.
(١) أخرجه البخاري (١٢٦٩) و (٤٦٧٠) و (٤٦٧٢) و (٥٧٩٦)، ومسلم (٢٤٠٠) و (٢٧٧٤)، والنسائي ٤/ ٦٧ - ٦٨، والترمذي (٣٠٩٨).
(٢) ولفظه: " عن أبي جُحيفة قلتُ لعليٍّ: هل عندكم كتابٌ؟ قال: لا إلاَّ كتاب الله أو فهمٌ أعطيه رجلٌ مسلم، أو ما في هذه الصحيفة ... " أخرجه البخاري (١١١) و (١٨٧٠) و (٣٠٤٧) و (٣١٧٢) و (٣١٧٩) و (٦٧٥٥) و (٦٩٠٣) و (٦٩١٥) و (٧٣٠٠)، والترمذي (١٤١٢)، والنسائي ٨/ ٢٣، وابن ماجه (٢٦٥٨).
(٣) في قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>