للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريقة الثانية: النقل عن أهل السنة ومتكلميهم، وذكر نصوصهم المتواترة الصريحة من كتبهم الشهيرة.

واعلم أن القدر المجمع عليه بينهم هو أن العبد غير فاعلٍ على سبيل الاستقلال والاستغناء عن ربه عزَّ وجلَّ، بل يقولون: إن الخلق (١) مُستمدٌّ والحق مستبدٌّ، ثم أطلقوا الخلق على أفعال العباد وعَنَوْا (٢) به أمرين:

أحدهما: تقديرها في سابق علم الله وقضائه وقدره، وسيأتي تفسيرهما، وهو يُسمى خلقاً باتفاق أهل (٣) اللغة، وهذا هو القدرُ الذي أجمعوا عليه (٤).

وثانيهما: قول كثير منهم، وهو إيجاد ذواتها التي تعتقد المعتزلة أنها ثابتة في الأزل، وأنها غير مقدرة (٥) لله تعالي، ولم يَعْنُوا خلق القدر المقابل بالجزاء من أفعال العباد على تفصيلٍ يأتي بيانه في ذلك في المرتبة الخامسة إن شاء الله تعالى.

وفي غلاة المتكلمين من الأشعرية القليل (٦) يُطلقون الجبر في أفعال العباد، ويُفسِّرونه بوجوب وقوع الراجح مع بقاء الاختيار، كما تقولُه المعتزلة في وجوب اختيار الرب عزَّ وجلَّ لفعل الواجب وترك القبيح، بل في وجوب اختيار جميع الخلق للصدق على الكذب عقلاً عند استواء الدواعي الزائدة على الداعي إلى الصدق والصارف عن الكذب كما يأتي في مسألة التحسين العقلي وغيرها إن شاء الله تعالى.

وقد قبَّح أهلُ السنة عليهم تسمية ذلك جبراً، بل فيهم من يُطلِقُ الجبر ويُفسِّرُه بمعنىً مُتَّفَقٍ عليه، وهو الجبر الأول على أسباب التكليف وشروطه عند المعتزلة ..


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): وأرادوا.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) في (أ): " اجتمعوا " ودون " عليه ".
(٥) في (ش): مقدورة.
(٦) ساقطة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>