للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتَ: هو من الدِّين، فأخبرنا: كيف أمر الله فيما يَصْعُبُ (١) من الدِّين، هل أوصى بالصبر، أو أوصى بالترك، وكيف مدح الله المؤمنين؟ هل مدحهم بالتَّواصي بالصَّبْرِ حيث قال: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ٣]. أو مدحهم بالترك بإجابة داعي الدَّعةِ، فقال: وتواصوا بالسَّهل وتواصَوْا بالترك، أو قال ما هو في معنى هذا. فكان اللائق أنَّ السَّيِّد يُوصينا بالصبر على هذا (٢) الأمر الشاق، ويقوِّي عزائِمنَا على ذلك بما ورد في القرآن الكريم في نحو قَولِه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين} [البقرة: ١٥٣]. وقد ذكر بعضُ العارفين أن الله تعالى ذكر الصبرَ في نيِّفٍ وتسعين موضعاً، فلولا حُسْنُ التعرض للمشاق الدِّينية ووجوبُ ذلك في كثير من المواضع، ما ذكَرَ اللهُ الصبرَ، ولا أثنى على الصَّابرين.

قال: " لأن التفسيرَ إمَّا أن يكونَ مِن الرسول، أو من آحاد المفسِّرين: كابن عبَّاسٍ ومقاتلٍ ومجاهدٍ وقتادة، أو يرجع فيه العالِمُ إلى أئمة اللغَةِ والنحوِ: كأبي عُبيدة، والخليل، والأخفش، والمبرِّد (٣)، فيأخذ معنى اللفظِ منهم ويفسر على (٤) ما يُوافِقُ علومَ الاجتهاد التي قد أحرزها.

أمَّا الأوَّلُ وهو نقلُ التفسير عن الرسول، فهو لا يكاد يُوجَدُ إلا في مواضعَ قليلة لا تفي بما يحتاج إليه مِن آياتِ الأحكام ".

أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد ها هنا (٥) أسئلة:


(١) في (أ) تصعب.
(٢) " هذا " لم ترد في: (ب).
(٣) أبو عبيدة: هو معمر بن المثنى المتوفى سنه ٢٠٩ هـ، والخليل: هو ابن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة ١٧٠ هـ، والأخفش: هو سعيد بن مسعدة المجاشعي البصري المتوفى سنة ٢١٥ هـ، والمبرد: هو محمد بن يزيد المتوفى سنة ٢٨٦ هـ.
(٤) سقطت " على " من (ب).
(٥) في (أ) و (ج): هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>