للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مرَّ للمؤيد بالله عليه السلام نحو ذلك في " الزيادات "، وللإمام يحيى بن حمزة عليه السلام نحوه في كتبه منها " التمهيد " ومنها " التحقيق " وغيرهما.

فهذه الفرقة الأولى، وقد شاركها أهل الكسب في تأثير قدرة العبد في وجوه القبح والحسن، فلو لم تؤثر قدرة العبد في ذلك عندهم، بطل التكليف قطعاً، بل هي مؤثرة فيها عند الجميع، ولكن زاد هؤلاء على أهل الكسب أمرين:

أحدهما: جواز (١) تأثير قدرة العبد في وجود الذات مع الله تعالى لا على جهة الاستقلال.

وثانيهما: تسمية ما أثَّرت فيه قدرة العبد مخلوقاً، وهو بعينه من غير تأويلٍ بخلاف أهل الكسب، فإن المخلوق متميز (٢) عندهم عن فعل العبد عند التحقيق كما (٣) يأتي.

وقد صرح الشهرستاني بما ذكرته من اتفاقهم على تأثير قدرة العبد في وجوه القبح والحسن، كما تقدم ذكره من نصِّه، على أن المرجع بقول الأستاذ أبي بكر وأبي إسحاق إلى قول القاضي أبي بكر الباقِلاَّني بعينه، إلاَّ أن ما سمياه (٤) وجهاً واعتباراً أسماه القاضي صفةً وحالاً. ولا شك أن الأستاذ وأبا إسحاق هما صاحِبَا هذه المقالة، وإماماً أهلها.

فإن قلت: فهلاَّ كان تأثير قدرة العبد في وجوه الحسن والقبح مشروطاً بمشاركة قدرة الله تعالى في ذلك كالذوات، فإنه يلزم من استقلال العبد بالتأثير في ذلك أن يستقل دون الله تعالى بشيء من الأشياء، وهذا لا يجوز بإجماع أهل السنة.

فالجواب: أن وجوه الحسن والقبح عندهم ليست بشيء البتَّة، حتى يكون


(١) " جواز " ليست في (ش).
(٢) في (ش): مميز.
(٣) في (أ): وكما.
(٤) في (أ) و (ش): سميناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>