للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمَّلت، وجدته مخالفاً لإجماع المسلمين، ولم ينف الاختيار أحدٌ من أئمة الدِّين.

وقد حاف الرازي وما أنصف في دعواه التعارض بالنظر إلى العلوم الضرورية، فما علمنا أحداً ادعى ثبوت الجبر بالضرورة، بل الجَمُّ الغفير من الأشعرية وأبو الحسين وأصحابه من المعتزلة ادَّعوا الضرورة في ثبوت الاختيار، كما تأتي ألفاظهم في ذلك إن شاء الله تعالى.

وكما أقرَّ الرازي مع الجماعة ثم انفَرَدَ وحده، وشذَّ عن الجماعة، وادَّعى معارضة هذه الضرورة التي قد أقر بها مع الناس، ومن حق الضرورة أن يشترك فيها جميع الناس.

فأما قوله: إن الممكن لا يترجَّح إلاَّ بمرجِّحٍ، فإن هذا ضروري، فمُسَلَّمٌ له ذلك.

وأما قوله: إن ذلك يقتضي الجبر، فغيرُ مُسَلَّمٍ، بل ولا صحيح في النظر كما يأتي، وكما أقر به في " النهاية "، وسيأتي لفظه في ذلك.

فانظر كيف أوهم الضرورة في هذا القدر، وأدرجه في العلم الضروري بأن الممكن لا يترجَّح إلاَّ بمرجِّحٍ، وله أمثال هذا كثيرٌ.

والقصد التحذير مما في مصنفاته من هذا القبيل ونسبته (١) إلى طائفة الأشعرية، وأهل السنة، وليس القصد إساءة الظنِّ به، فإن بركات العلم والإسلام قد أدرَكَتْهُ، ولله الحمد، فتاب عن جميع ذلك، وقال في وصيَّتِهِ رحمه الله ما لفظه (٢): وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، فعلى (٣) ما ورد في


(١) " ونسبته " سقطت من (أ).
(٢) انظر وصيته مع اختلاف يسير، في " تاريخ الإسلام " للذهبي في الطبقة الحادية والستين ص ٢١١ - ٢١٥، طبع مؤسسة الرسالة، و" طبقات الشافعية " للسبكي ٨/ ٩٠ - ٩٢، و" عيون الأنباء " لابن أبي أصيبعة ٣/ ٤٠ - ٤٢.
(٣) في " تاريخ الإسلام " و" الطبقات ": وكل، وفي " العيون ": فكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>