العمل بما يظن أنَّ العالِمَ يقولُه وإن سكتَ عنه حملاً له على السَّلامة، وقد نصَّ كثيرٌ من العلماء على ذلك في غير موضع، فلا يَبْعُدُ أن يجوزَ العملُ على ما يظن أن العالِمَ يرفعُه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحملاً له على السلامة، وإن لم ينص على الرفع ويصرح به -والله سبحانه أعلم-.
قال: ولأنَّا نحتاجُ إلى معرفة عدالتهم وعلمهم ولأن اتِّصال الرواية بهم على وجه الصِّحة من العدالة صعبٌ أو متعذِّر.
أقول: قد مرَّ الجوابُ على هذا حيث بَيَّنا الطريقَ إلى معرفة الأخبار، فالكلامُ فيهما سواء. ونزيد هنا أن السَّيِّد شَحَنَ تفسيرَه بالرَّواية عنهم، فإما أن تكون صحيحةً أو باطِلةً، إن كانت صحيحةً، فما بالُ الصِّحةِ مقصورةً عليه؟! وإن كانت باطلةً، فهو أجلُّ مِن أنْ يرويَ البَواطِلَ، ويخصَّ بها شهرَ رمضان الكريم، وقد قال -عليه السلام-: " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ "(١).
قال:" وأمَّا الثالثُ -وهو الرجوعُ إلى أهل اللغة- فهو أضعفُ من هذا، لأن عدالة كثيرٍ منهم غيرُ ثابتة، ولأن اتِّصال الروايةِ الصحيحةِ بهم متعذِّر، ولأن في ذلك تقليدَهم، والاجتهاد لا يَصِحُّ بناؤه على التقليد، ولأن المفسِّر بهذا الوجه يحتاج إلى علوم الاجتهاد، ومنها معرفة التفسير فيلزم الدَّورُ ".
أقول: هذا الوجهُ الثالث الذي تعرض السَّيِّد لإبطاله هي الطريقُ المسلوكة إلى تفسيرِ عامة القرآن. لا يخرج منه إلا النَّادِرُ القليل مما لا
(١) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (١٩٠٣) و (٦٠٥٧) وأبو داود (٢٣٦٢) والترمذي (٧٧) وابن ماجه (٦٨٩) والبغوي في " شرح السنة " (١٧٤٦).