للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا عرفتَ أنَّ الخلافَ بَيْنَ العُلَماءِ قد وَقَعَ في تقديم النَّاسِخِ الظنيِّ على المنسوخ القطعيِّ، وأنَّ حُجَّتهُم في القوة كما ترى، فكيف بتقديم الناسِخِ الظَّني على المنسوخ الظنَيِّ؟ ولو أنَّا استفتينا يحيى بن الحسين عليه السلام (١) وسائِرَ الأئمة الأعلامِ في تقديم الناسِخِ مِنْ رواية غيرهم مِن الثقات على المنْسوخِ من (٢) روايتهم مع صحَّة النَّاسخ على شرط الأئمة وأهلِ العلم، ما اختلفَ منهُمُ اثنانِ في تجويز هذا، بل وإيجابه، وأين هذا من باب التَّرجيح؟ ولعلَّ مَنْ له أدنى مَعْرِفَةٍ بالأصولِ، لا يَشُكُّ في أنَّ الأصوليِّينَ أفردوا للنَّسْخِ باباً وللتَّرجيح (٣) باباً، لأنَّهما أمرانِ مختلفانِ متغايرانِ، وبابانِ مفترقان متباعدان.

الوجه الثالث: سلمنا عدمَ النسْخِ، فإنَّا نُجِيزُ الأمرَيْن معاً، ونقول كما قال ابن أبي ليلى (٤)، وإسحاق، والحكم: مَنْ شَاءَ جَهَرَ، ومن شاء


(١) لعله السيد يحيى بن علي بن الحسين مصنف " الياقوتة " و" الجوهرة "، فقد جاء في هامش " البدر الطالع " ٢/ ٣٣١ ما نصه: في تاريخ المولى العلامة الحافظ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الجنداري -حفظه الله- ما لفظه: في سنة (٧٣٩) توفي السَّيِّد العلامة المجتهد يحيى بن الحسين بن يحيى بن علي صاحب " اللمع " ابن الحسين صاحب " الياقوتة " و" جوهرة آل محمد " و" اللباب " وغيرها من المؤلفات، وكان علامة وَرِعاً لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يقل بإمامة الإمام يحيى فيما يروى، وله تحصيلات وتقريرات في مذهب الهادي، عاش نيفاً وستين سنة، ودفن بجامع صنعاء بجنب الإمام أحمد بن المطهر.
(٢) من قوله: " رواية غيرهم " إلى هنا سقط من (ش).
(٣) من قوله: " ولعلَّ " إلى هنا ساقط من (ب).
(٤) هو مفتي الكوفة وقاضيها الإمام أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي المتوفى سنة ١٤٨ هـ، كان نظير الإمام أبي حنيفة في الفقه، إلا أنَّه في الحديث سيىء الحفظ، كثير الخطأ، خرج حديثه أصحابُ السنن.
والحكم: هو الإمام الكبير، عالم أهل الكوفة، أبو محمد الحكم بن عتيبة الكندي مولاهم الكوفي المتوفى سنة ١١٥ هـ، ثقة، أخرج حديثه الشيخان وأصحاب السنن، وإسحاق: هو الإمام الكبير شيخ المشرق سيد الحفاظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه المتوفى سنة ٢٣٨ هـ، وهو أحد أئمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>