للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: الثاني قولُه - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّ هذا العِلْمَ دِينٌ فَانْظُروا عَمَّن تأخُذُونَ دِينَكُمْ " (١).

أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

الأول: أنه قد شك في تعذُّرِ معرفةِ الحديث، وقطع بالتعسُّرِ، وأطال الكلامَ في هذا، وأوسع الدائرة في استبعاد وجودِ طريق صحيحهَ لرواية الآثار، وها هو ذا سابحاً في بحارها، عاشياً إلى ضوء نارِها كما منع مِن تفسير القرآن العظيم، ثم فَسَّر منه هذه الآيات المتقدمة بما لعلَّه لا يُوجَدُ في شيءٍ من التفاسير المعتمدة، بل المهجورة، فكيف التلفيقُ بينَ تحذيرِه من الرواية للحديث، والعملِ به هناك، واعتماده على رواية الحديث، والاحتجاج به هنا.

الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث، فكان يجب على السيدِ بيانُ الطريق الصحيحة لهذا الحديث حتى يُلْزِمَ خَصْمَه قبولَه، وقد شرط السَّيِّد علينا في صِحة الحديث أن يكونَ له إسناد صحيح متصل، رواته عدول بتعديل عدول معدلين، وذلك التعديل معلوم وقوعه بخبر عدل، وإسناد صحيح حتى ينتهي إلى زمننا، فإن كان هذا حاصلاً مع السَّيِّد في هذا الحديث، فليتم المِنَّةَ علينا،


(١) لا يصح في المرفوع، ففي سنده خليد بن دعلج عبد ابن عدي كما في " العلل المتناهية " ١/ ١٣١، وهو متقق على ضعفه والصحيح أنَّه قول محمد بن سيرين البصري المتوفى سنة ١١٠ هـ أخرجه عنه مسلم في مقدمة صحيحه ١/ ١٤، والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " ص ٤١٤، والخطيب في " الكفاية " ص ١٢١ وهو بعد الرامهرمزي والخطيب من قول الضحاك بن مزاحم، ومن قول علي رضي الله عنه عند الخطيب.
وما أدري كيف فات المصنف رحمه الله أن ينبه على عدم صحته في المرفوع قبل أن يشرع في إيراد ما فيه من إشكالات، وهو الخبير العارف بعلم الحديث رواية ودراية، كما تشهد بذلك بحوثه المتنوعة وتخريجاته الدقيقة، ونقداته المتينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>