للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبيح بالكبش، وكل مسلم بيهودي أو نصراني وما أشبه ذلك يعضده أن التبديل لم يقبُحْ لذاته، فقد قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، فدل على أن التبديل المذموم، تبديلٌ مخصوص لا كل تبديل، فقد بَدَّل الله ذبح الذبيح بالكبش، وضرب امرأة أيوب بالضِّغث (١)، واستقبال بيت المقدس بالكعبة، بل ذمَّ الله من بدَّل ذلك حيثُ قال لهم سفهاء، حيث قال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} يوضحه أن فعل الله لا يكون إلاَّ راجحاً لأن غير الراجح يُباح (٢) وهو العبث واللعب، والله منزهٌ عنه، وقد ثبتَ بالسمع أن عذاب الكفار راجحٌ، فلا يحسُنُ تبديله، ولم يثبُت ذلك في عذاب المسلمين، أو في عذاب كثيرٍ منهم لقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فيجوز أن يكون العفو راجحاً، فلا يجوز قياس التبديل فيهم للوعيد بالعفو على ذلك خصوصاً على سبيل القطع.

ومذهبُ أهل السنة، ونَسَبَهُ ابنُ هبيرة والريمي إلى أئمة الفقهاء الأربعة (٣) في إجماعها هو القول السابع: وهو أن القاتل عاصٍ لله، صاحب ذنبٍ كبير، مستحقٌّ للعذاب الشديد العظيم المهين في الآخرة، مستحق في الدنيا للقتل، مجروح العدالة، واجبٌ على كل مسلم البراءةُ من فعله، والكراهةُ له، ومنعه منه، وقتاله عليه، وقتله دونه إن كان إلى ذلك سبيلٌ، واجبٌ في حكم الله وحكمته أن يُنتصف للمقتول منه، ويُرضيه في يوم الدين، ولا يُسقط حقاً (٤) للمقتول حتى يستوفي حقه، ويرضى بعدل الله تعالى أتم الرضا، حتى إذا لم يبق إلاَّ حقُّ أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، وَكَلُوا الأمر في ذلك إلى من له الحق وله الحكم، ولم يقضوا عليه في حقه (٥) بشيء، وقالوا: إن عاقبه فبعدله وإن سامحه فبفضله، لكنهم قطعوا بعدم خلوده، والمختار الوقف وهو القولُ


(١) هو قبضة حشيش مختلط رطبها بيابسها.
(٢) في (ف): " مباح ".
(٣) ساقطة من (ف).
(٤) في (ش): " حق ".
(٥) في (ش): " حكمه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>