للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحريمَ العمل بالأخبارِ، والمنعَ مِن التمسك بالسنن والآثار، فكلاًّ منهما عليك لا لك، وهما لألسنتهما منْ مِثْلِ مقالتك أزمُّ (١) وأملك. مع أنك بعد هذا رويتَ عن الغزاليِّ أنه قال: يُكتفي بتعديلِ أئمة الحديثِ (٢)، فناقضتَ قولَك، وأكذبتَ نفسَك.

قال: " فإن قيل: نحن نقول بما قال الغزاليُّ: إنا نكتفي بتعديل أئمة الحديث كأحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعليِّ بنِ المديني، ويحيى بنِ معينٍ، ومحمد بن إسماعيل البخاريِّ، فإن هؤلاء قد تكلَّمُوا في الرواة، وبيَّنوا العدلَ مِن سِواه.

قلنا: هذا لا يصِحُّ لِوجوه؛ أحدها: أنَّا إن قبِلْنَا تعديلَهم في مَنْ كان متقدماً، فما يكون فيمن بعدَهم من الرُّواة فإن اتصالَ رواية الحديثِ من وقتنا إلى مصنفي الكتب الصِّحاح كالبخاري ومسلم على وجه الصحة متعسِّر أو متعذِّر لأجل العدالة، فإن من بيننا وبينَهم المشبهة والمجبرةُ والمرجئة ونحوهم مما يجرح به، وأقَلُّ الأحوال أن يكونوا مجهولين في هذا الاعتلال ".

أقول: قد شرع السَّيِّدُ -أيَّده اللهُ- يُبيِّنُ وجوهَ التعسُّرِ في معرفة السُّنة، وأخذ يفْتَنُّ في أساليب التنفير عن قراءة كُتُب الحديث، وقد تمسَّك في ذلك بوجوه خمسة:

الوجه الأولُ: دعوى التعذُّرِ أو التعسُّرِ في صحةِ كتبِ الحديثِ عن أهلها - دع عنكَ صحتَها عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بل أراد السَّيِّد -أيَّده الله- أن


(١) أزم بالزاي من: زمَّ الشيءَ يزمُّه زماً فانْزَم: شدّه.
(٢) على هامش (أ) ما نصه: وبمثل كلام الغزالي قال الرازي في " المحصول " والإما م- يحيى بن حمزة في " الحاوي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>