أقوى، لأنَّه يجب العملُ بالظن الأقوى قطعاً، فيكون رد روايتِهم مقطوعاً به، ولا يَصِحُّ الاجتهادُ فيه، وهذا صحيحٌ في الأمارة الظاهرة التي تَقَعُ لِكُلِّ أحدٍ عندها الظن، وهذه المسألة من هذا القبيل، فثبت بذلك ما ذكرنا في هذه المسألة.
أقول: يرِدُ على كلامِه -أيَّدَهُ الله- في دعواه أنها قطعية إشكالات:
الإشكال الأول: أن السَّيد -أيده الله- قد سَلَّمَ أن الدليل على ردَّ المتأولين ظني، لكنه ادَّعى أنَّه ظن ظاهر لا يخفي على أحد، وادَّعى أن ما كان هكذا، فهو قطعي فجمع بين الدليل الظني والمدلول القطعي، وهذا لا يصِحُّ، لأن تسليمَك أن الدليل ظني يقتضي قطعاً تجويز أن يكون الحق في المرجوح، وتجويز ذلك يستلزم قطعاً تجويز أن يكونَ على ذلك الحق أمارات راجحة على هذا الأمر المظنون أنَّه حق ولكن المترجح له أن هذا المفروضَ أنه راجح، ما عرف تلك الأماراتِ، ولو عرفها لكانت أرجح عنده.
الإشكال الثاني: أن قولَه: إن رد روايتهم يكون مقطوعاً يستلزم كون الحقيَّة في المظنون الراجح قطعاً، ونفي الحَقِّيَّةِ عن الموهوم المرجوح قطعاً أيضاًً، وهذا يقتضي أن الدليلَ يُفِيدُ العلمَ لا الظن؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ بالعلم أكثر من القطع بأن الحق هو ما ذهبت إليه باطناً وظاهراً، وأن ما ذهب إليه الخصمُ باطلٌ باطناً وظاهراً، ولكن السَّيدَ -أيده الله- أقرَّ أن الدليل أمارة، وأنه يَحْصُلُ عندها الظن، فإن قال: مراده: أن العمل بتلك الأمارة الظاهرة التي لا تخفي على أحد واجب قطعاً على كل أحد، لا أنَّ (١) ما دلت عليه حق قطعاً، فلا يجوز القطعُ بالاعتقاد على حقِّيَّةِ مدلولها،