[الأنفال: ٦٥]، أي: مئة صابرة، وكذلك في آخر الآية:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}[الأنفال: ٦٦]، أي: ألف صابرون ونظائره كثيرة.
وكذلك قدَّر أكثرُ العلماء في كفارة الظِّهار أن يكون قبل أن يتماسَّا، سواء كفَّر المُظاهِرُ بالعتق، أو الصوم، أو الإطعام، حملاً على ذلك، مع أن الله ما اشترط ذلك إلاَّ في العتق والصوم، وهذا لفظ الآية: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [المجادلة: ٣ - ٤]، وذلك كثيرٌ جداً، وهو من أنواع البلاغة.
وقد استجاد صاحب الحواشي كلام ابن الحاجب، ولا شك في احتماله، فبطل القطعُ، ويكون معنى الآية عليه الفرقُ بين الكسب بعد ظهور الآيات وقبلها، كما هو كذلك في الآيات بالاتفاق.
ويؤيد هذا أنه قد جاء كذلك في كتاب الله تعالى حيث جاء بيِّناً من غير اشتباه ولا اختلاف، قال الله تعالى:{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْي}[يونس: ٩٨].
ولما قال فرعون:{لا إله إلاَّ الذي آمنت ... }، قيل له:{الآنَ} ومفهومه: نفعها وحدها قَبْلُ.
وقال الله تعالى:{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ}[السجدة: ٢٩]، ومفهومها أنه ينفع غيرهم، وإنما لم يذكر ما اشترطنا من ذلك العمل، لملائمته للإيمان الشرعي، فكأنه منه، كما هو كذلك في العُرف خاصة، والله أعلم.
ويعضُدُه أن المعروف شرعاً أن الإيمان شرطُ نفع العمل، كقوله تعالى: