للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن فيما اختلف فيه من تقديم حقوق الله تعالى، ومضمونه: أن كل طائفة من المسلمين نفت عن الله تعالى ما يُعتقد أنه نقصٌ، وإنما يكفُرُ من عَكَسَ هذا، وأزيدُ التنبيه على معرفتين:

المعرفة الأولى: أن شرط التكفير بمخالفة السمع أن يكون ذلك السمعُ المخالفُ معلوماً علماً ضرورياً من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى فأما اللفظ -وهو الشرط الأول-، فلا إشكال فيه، لأنه يمتنع ثبوته على جهة القطع بغير التواتر، والتواتر ضروري.

فأما الأحاديث الظنية في أصلها المجمع على صحتها، فلا خلاف في (١) أنه لا يكفُرُ مخالفها على جهة التأويل، وإنما اختلف أهل العلم في تلقيها من الأمة بالقبول، هل يدل على القطع بصحتها أم لا؟ فذهب الأكثرون والمحققون إلى أنه لا يُفِيدُ العلم القاطع، ممَّن عزا ذلك إلى الأكثرين والمحققين (٢) النواويُّ في كتابه في " علوم الحديث " (٣)، وذهب بعضهم إلى أنه يدلُّ على القطع بصحتها، واختاره ابن الصلاح (٤)،


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): المحققين والأكثرين.
(٣) انظر " تدريب الراوي " ١/ ١٣١ وما بعدها.
(٤) في " مقدمته " ص ٢٤. وقال المؤلف في كتابه " تنقيح الأنظار " ١/ ١٢٣ بعد أن ذكر كلام ابن الصلاح. وقد سبقه إلى نحو ذلك محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف، واختاره ابن كثير، وحكى في " علوم الحديث " له أن ابن تيمية حكى ذلك عن أهل الحديث، وعن السلف، وعن جماعات كثيرة من الشافعية والحنابلة، والأشاعرة والحنفية وغيرهم والله أعلم.
وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ١٨/ ٤٠ - ٤١: وأمَّا المتواتر فالصواب الذي عليه الجمهور: أن المتواتر ليس له عدد محصور، بل إذا حصل العلم عن إخبار المخبرين كان الخبر متواتراً، وكذلك الذي عليه الجمهور أن العلم يختلف باختلاف حال المخبرين به، فربَّ عددٍ قليلٍ أفاد خبرُهم العلم بما يوجب صدقهم، وأضعافهم لا يفيد خبرهم العلم، ولهذا كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>