للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، إما ذواتها على قول أو أسبابها ومقاديرها على قول (١).

وإن كان متعلق الإرادة والكراهة لفظاً إضافيّاًَ عدمياً، فإنه يَصِحُّ إرادة ذلك، كما يصحُّ إرادة التروك ونية الصوم، وإرادة عدم المضارِّ.

ويُشبه هذا تعلق كراهته تعالى وعداوته بالكفار مع تعلق (٢) إرادته ومشيئته بهم، لكن المتعلق مختلف، فإن متعلق كراهته صفات أفعالهم التي قبحت لأجلها، ومتعلق بُغضه، وغضبه وسخطه وعداوته عند المتكلمين ذمهم وعقابهم، ومتعلق إرادته ومشيئته وجودهم وبقاؤهم، وقد توصف الذوات بالحسن والقُبح عُرفاً، وتتعلق بها الإرادة والكراهة في ظاهر اللفظ توسُّعاً شائعاً (٣) حتى صار حقيقة عرفية مفهومة من غير قرينة ولا مشاحة في العبارات مع إرشاد القرائن إلى المقصود، فكيف مع نصوص أهل السنة على مقاصدهم؟ فوضح منع الدعوى الأولى، وهي (٤) قبحُ (٥) إرادة القبيح على جميع الوجوه مُطلقاً من غير تقييد.

وأما الدعوى الثانية: وهي أن أهل السنة يعتقدون أنه تعالى مريدٌ لقبائح أفعال العباد لأجل قبحها ووقوعها على الوجوه التي قَبُحت لأجلها، فدعوى باطلةٌ ممنوعة أيضاً، لأنا قد بَيَّنَّا أنهم ما عَنَوْا أنه يحبها ولا يرضاها ولا يريدها منهم إرادة الطلب التي تلازم الأمر، ويعدى بحرف " من " كما مضى مقرراً في تفسير كلام جعفر الصادق عليه السلام الذي رواه عنه الشهرستاني، وكلام أحمد بن عيسى بن زيد الذي رواه صاحب " الجامع الكافي ". وبيَّنَّا هناك أن الإرادة تختلف معانيها بحسب تعديها بنفسها (٦) إلى مفعولها الأول، وتعديها بحرف جرٍ إلى مفعولها الثاني، وأن ذلك الحرف إن كان " من " دلَّ على ملازمة الإرادة للطلب والأمر كقوله تعالى: {ما أُريدُ منهم من رزقٍ} [الذاريات:


(١) " على قول " ليس في (أ).
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) من قوله: " وتتعلق " إلى هنا ساقط من (ش).
(٤) في (أ): هو.
(٥) ساقطة من (ش).
(٦) في (ش): بلفظها.

<<  <  ج: ص:  >  >>