للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت الباطنية والإسماعيلية: لا يوصف سبحانه بصفةٍ قط، فيكون مثل من وُصِفَ بها مِنَّا، فلا يوصف بأنه شيءٌ، ولا موجود ولا عالم ولا قادر.

وقد رد الجويني (١) بهذا على من زعم من الكُلاَّبية أن القرآن الكريم كان كلاماً في القِدَمِ غير أمرٍ ولا نهي ولا خبر ولا خطاب.

الوجه الثاني: أنه لو استلزم الوجوب الخاصُّ الإمكان العام المطلق، كان ذلك (٢) يستلزِمُ نفي الاختيار، وليس للمعتزلي أن يحتج بهذا الإمكان الخاص على نفي ذلك الوجوب الخاص.

ولا للجَبْري أن يحتجَّ بذلك الوجوب الخاص على نفي ذلك الإمكان الخاص، لأنا إن جعلنا لكلِّ واحدٍ منهما أن يحتج بذلك على الآخر أدى إلى صحة النقيضين وهو محالٌ.

وإن جعلنا الحجة لأحدهما دون الآخر، أدَّى إلى تناقض المثلين، وهو مُحالٌ.

ومن جَهِلَ هذا التحقيق، نسب إلى أهل السنة ما لا يليق، وتوهَّم من بعض عباراتهم نفي الاختيار، وإثبات الإجبار والاضطرار، ومن عدم النظر إليه حارَتِ الأفكار، وعَثَرَ فرسانُ النُّظَّار في مسائل الأقدار.

الفائدة الثالثة: التنبيه على الجمل، وبعض التفاصيل مما حَضَرني مما يدلُّ على القَدَر من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

أمَّا كتاب الله تعالى، فهو محفوظٌ معلومٌ، لكن نتبرَّك بإحضارِ بعض آياته المباركة للواقف على هذا الكتاب (٣).


(١) في " الإرشاد " ص ١١٩ وما بعدها.
(٢) في (أ): وذلك.
(٣) في (ش): على مثل هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>