للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: هذا مجرد دعوى لإباحة المخالطة إذا لم يكن فيها معصيةٌ، فما الدليل على ذلك؟ قلت: الدليل عليه وجوهٌ:

الوجه الأول: الحديث الصحيح، والنص الصريحُ، وذلك أنه ثبت عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر أئمة الجور ومن في معناهم، ثم قال: " فمن غَشِيَ أبوابهم، فصدقهم في كَذِبِهِم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بواردٍِ عليَّ الحوض يوم القيامة، ومن غشيها أو لم يغشها فلم يصدقهم في كذبهم، ولم يُعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وهو وارد علي الحوض يوم القيامة ". رواه الترمذي في موضعين من " جامعه " (١) بإسنادين مختلفين، أحدهما: صحيح، وعليه الاعتماد، والثاني: معلول، وهو شاهد للصحيح غير قادح فيه ورواه أبو طالب في " الأمالي "، فقال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، حدثنا أحمد بن سعيد بن عثمان الثقفي، أخبرنا محمد بن يحيى الذُّهلي، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خُثيم، عن عبد الرحمن بن سابَط، عن جابر بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة: الحديث ولفظه: " فمن صدَّقهم في كذبهم، وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولستُ منهم، ومن لم يُصدقهم في كذبهم، ولم يُعِنْهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم، سيردون على حوضي " (٢).

ومن ذلك ما رواه أبو داود في " سننه " (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن المسألة، إلاَّ أن يسأل الرجل ذا سلطانٍ، فهذا عامٌّ في سلاطينِ العدلِ


(١) الترمذي (٦١٤) و (٢٢٥٩)، وأخرجه أيضاً النسائي ٧/ ١٦٠، وصححه ابن حبان (٢٧٩) و (٢٨٢) - (٢٨٥)، والحاكم ١/ ٧٩، ووافقه الذهبي.
(٢) هو في " مصنف عبد الرزاق " (٢٠٧١٩)، وأخرجه أحمد ٣/ ٣٢١ و٣٩٩، والبزار (١٦٠٩)، وصححه الحاكم ٣/ ٤٧٩ و٤/ ٤٢٢، وابن حبان (١٧٢٣)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) برقم (١٦٣٩) من حديث سمرة، وأخرجه أحمد ٥/ ١٩ و٢٢، والترمذي (٦٨١)، والنسائي ٥/ ١٠٠، وصححه ابن حبان (٣٣٨٩) و (٣٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>