للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقوع في الحمى، ولأنه نهى (١) عن أجرة الحجام مرتين، وقال في الثالثة: " اعلفه ناضِحَك وأطعمه رقيقك " (٢) فدلَّ على الكراهة، ولما ورد من النواهي الصحيحة عن السؤال عن المسكوت عنه، والأمر باستحلاله حتى ينهاهم (٣) عنه، وبذلك احتج من أحلَّها، منهم ابن عبد البر، قال: هي عندنا من الحلال الطيب، ولي فيها تفصيل جيِّدٌ ذكرته في " قبول البشرى ".

على أن الزَّهادة غيرُ الفقر، وكم من فقيرٍ مشغول القلب بالدنيا، وغني مشغول القلب بالآخرة، ومحلها القلب إجماعاً.

وقد روى الترمذي (٤) من حديث أبي ذرٍّ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ليست الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك (٥)، وأن تكون في ثواب المصيبة أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك ". ورواه رزين، وزاد فيه: " لأن الله تعالى يقول: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم} [الحديد: ٢٣].

وهذا الكلام انسحب من الكلام في مُخالطة الملوك لمحبة تناول شيءٍ مما يحِلُّ تناوله بما في أيديهم.

والقصد ما ذكرته من الزَّجر عن الغيبة، واعتقاد جرح من فعله من أهل الديانة والعلم، فقد ذكر العلماء من أنواع الغيبة قول القائل: فلان مبتلى بمخالطة السلاطين، فالله يُسامِحُهُ، ونحو ذلك من غيبة القُرَّاء.


(١) " نهى " ساقطة من (ف).
(٢) أخرجه من حديث ابن محيصة عن أبيه الشافعي ٢/ ١٦٦، وأحمد ٥/ ٤٣٥، وأبو داود (٣٤٢٢)، وصححه الترمذي (١٢٧٧)، وابن حبان (٥١٥٤).
(٣) في (ف): " نهاهم ".
(٤) برقم (٢٣٤٠)، وأخرجه أيضاً ابن ماجه (٤١٠٠)، وإسناده ضعيف، فيه عمرو بن واقد النكري، قال الترمذي: منكر الحديث.
(٥) في (ش): " يدك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>