للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفيهم (١) الجميع لحقائق كثيرٍ من أسمائه الحسنى، كالرحمن الرحيم العلى العظيم.

وكل هذا يتعذر اعتقاده على أئمة الأثر، ولا يُتصوَّر صدوره منهم إلاَّ من بُلي منهم بشيءٍ من الكلام، فإن الوسوسة قد ثبتت في الضروريات ضرورةً، مثل وسوسة كثيرٍ في الطهارة، وعكس هذا اعتقاد (٢) أن ما لا أصل له ضرورى من الدين، كاعتقاد الروافض لتواتر النصِّ على اثنيّ عشر إماماً، وتواتر فسقِ كبار الصحابة أو (٣) كفرهم.

الوجه السادس: أن كلامنا إنما هو في فوائد ممارسة علم الكلام، والمحدِّث إذا ابتدع، فلم يُؤتَ من الجمود، بل من سيلان الذهن واتباع وساوس النظار، فبان لك بمجموع ما نبهتُك عليه وبَالُ هذه الفَيْهَقَة (٤) التي توهمَتها لك، وهي عليك.

العاشر: من الأصل أن المحدثين هم أهل العناية بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أي فرقةٍ كانوا كالنُّحاة والمتكلمين، وهذه للمحدثين صفةٌ شريفة، ورُتبة مُنيفة، وتعليقُك للسخرية (٥) والانتقاص بأهلها دليلٌ على


(١) في (ج): " ونفي " وفي (أ) و (ش): ونقضهم.
(٢) في (ش): اعتقادات.
(٣) في (ش): و.
(٤) من الفهق، وهو الامتلاء، وفي حديث جابر عند الترمذي (٢٠١٨) بسند حسن: " إنَّ من أحبكم إليّ وأقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون " قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدِّقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون.
قال الزمخشري في " الفائق " ٤/ ٦٨: المتفيهق من الفهق، وهو الامتلاء، يُقال: فهق الحوض فَهَقاً وأفهقته: وهو الذي يتوسّع في كلامه، ويملأ به فاه، وهذا من التكبّر والرعونة.
(٥) في (ش): السخرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>