للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتأمل ذلك فعند أهل السنة أن نفي التشبيه عن الله تعالى بتعظيم صفاته في كمالها، ونفي كلِّ نقصٍ عنها. وعند الملاحدة أنه ينفيها، والمعتزلة فرَّقوا بينها، ففي بعضها قالوا بقول أهل السنة، وفي بعضها قالوا: بقولِ الملاحده الباطنية، ويشهدُ لقول أهل السنة: {وهو السميعُ البصيرُ} بعد قوله: {ليسَ كمثلِه شيءٌ}، وقولُه: {وله المثلُ الأعلى} [الروم: ٢٧]، وما تقدَّم في الوهمُ الخامس عشر (١) و (٢) سيأتي في الكلام على الرؤية.

الوجه الثاني: أنَّ خصومهم الذين قضَوْا بكفرِهم من الأمة، بل الذين هم أشبهُ الأمة بسَلَفِها الصالح المُجْمَعِ على سلامتهم، ولا يشُكُّ في ذلك من يعرفُ أخبار السلف وبُعدَهم من الكلام، فإجماع مخالفيهم على كفرهم إجماعُ بعضِ الأمة لا إجماع الأمة، بل (٣) هؤلاء المدعى كفرُهم بالإجماع يدَّعُون كُفْرَ مكفرِهم بالإجماع، وينقُلُون عن السلف في ذلك ما لا يتَّسِعُ له هذا الموضع، ويعضدُون ذلك بالحديث الصحيح " إذا قالَ المسلمُ لأخيهِ يا كافر، فقَدْ باء بها أحدُهُما ".

وعلى الجَهْدِ (٤) أنَّ مكفِّرَهم يَتَخَلَّصُ من دعوى الإجماع على كفرهم (٥)، ونحن -ولله الحمد-، نرُدُّ على الطائفتين في تكفيرِ كُلِّ طائفة للأخرى.


(١) " الخامس عشر " ساقط من (ش).
(٢) في (أ) و (ش) أو.
(٣) من قوله: " الذين هم أشبه " إلى هنا ساقط من (ش).
(٤) في (ش): الجملة.
(٥) في (د): كفره، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>