للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنَّظر إلا قبولُ الرُّواةِ الثقات، وأن ذلك إجماعُ المسلمين، وأن كلام السَّيِّدِ هذا يُوجبُ على الله تعالى أن يبعثَ الموتى من العربِ للمجتهد حتى يُشافِهوه بلغتهم أو نحو ذلك من المعجزات، أو خوارقِ العادات والسَّيِّد في هذا الموضع جاوز حدَّ العُرف في التَّعنُّت، وخَلَغ عرْوَةَ المُراعاةِ لِطريق أهلِ العلم، وأتى بما لا يُوافِقُه عليه أحدٌ من العلماء والمتعلمين، ولا سبقه إليه سابقٌ مِن السَّلَفِ الصالحين.

الرابع: لُزُومُ الدَّورِ وهو أعجبُ مما تَقَدَّم وأغرب، وذلك لوجهين:

أحدهما: أنَّ الدَّوْرَ محالٌ عند جميع العقلاء وما أدَّى إلى الدور، لم يصح في زمان دونَ زمان، ولا مِن أحد دونَ أحد، فهذا يؤدي إلى أنَّ الرجوعَ إلى اللغة العربية لا يصح بناءُ التفسيرِ عليه، لا مِن المتقدمين، ولا مِن المتأخرين، ولا مِن المدركين للعرب، ولا مِن غير المدركين، ولا مِن الراسخين في العلم، ولا مِن غير الراسخين. ولعل أدنى مَنْ له تمييز يستحي من نسبةِ هذا القولِ إلى أحد من المتعصبين، وهذه هفوةٌ مِن السَّيِّد -أيَّده الله- لا تليقُ بمحلِّه الشريف، ومنصبِه المنيفِ.

الوجه الثاني: أنَّ الدَّورَ غيرُ لازمٍ من ذلك، لأنَّه يَصِحُّ من المجتهد أن يعرِفَ علومَ الاجتهاد التي يحتاج إليها في معرفة تفسير القُرآن إلا لغة العرب. فإذا احتاج إلى معرفة معنى الآية بحث عن المعنى اللغوي، فمتى وجده فسَّر القُرآن به. ولا دَوْرَ هنا، ولا ما يُشْبِهُ الدَّور، وإنَّما الدورُ يلزمُ حيث لا يَصِحُّ أحدُ الأمرينِ إلا بَعْدَ الآخَر، ويكون كُلُّ واحد منهما مؤثراً في صاحبه. ومن ثم كان دور المعيَّة صحيحاً عند نُقَّاد هذا العلم، فأين التمانع في مسألتنا؟ وهل يقولُ عاقل: إنه لا يَصِحُّ معرفةُ شيءٍ من علوم الاجتهاد حتى يَعْرِفَ اللغة، ولا تصح معرفة اللغة حتى يعرف علومَ

<<  <  ج: ص:  >  >>