الرواسي ولا يزول دينُه، ولا شَكَّ أن سنته عليه السلامُ مأخوذة من أفواهِ الرجال المتواتر منها والآحاد، وكذلك القرآن الكريمُ مأخوذ من أفواه الرجال، فدلَّ على أن قوله:" من أخذ دينه من أفواه الرِّجال " عموم مخصوص، والمراد به منْ أخذ دينه من أفواههم على جهة التقليدِ لهم من غير حُجة، كما نجد المخالفين في العقائد يأخذونها عن شيوخهم مِن غير حجة سمعية، ولا عقلية، ولا أثارةٍ من علم، ويكون الدليلُ على التخصيص ذكره للكتاب والسنة المأخوذينِ من أفواه الرجال، فلو لم يحمله على هذا، لكان ظاهره متناقضاً، لأنَّه قضى لمن أخذ دينه عن أفواه الرجال بالزوال، ولمن أخذ دينه عن الكتاب والسنة المأخوذين عن أفواه الرجال بعدم الزوال، فلما تناقض الظاهرُ، وجب حملُه على ما يصح.
الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد، وذلك لأن قوله عليه السلام في الحديث:" إن من أخذ دينه عن التفهم لكتاب الله والتدبر لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " عام للمعلوم منهما والمظنون، أما الكتابُ، فالمعلوم من معانيه والمظنون، وأما السنة، فالمعلوم من ألفاظها ومعانيها والمظنون منها، وأخبارُ المتأولين من جملة السنة المظنونة، فدخلت في هذا الحديث، ونحن نُخرج من هذا الحديث ما دَلَّ الدليلُ على خروجه، وهو حديثُ المجروحين بالتصريح دون التأويل، وبقى سواهم على الأصل، وسيأتي لهذه الحجة مزيد بيان.
قال: الثالث: أن الأصل أن لا يُقبل خبرُ الواحد، لأنَّه إقدام على ما لا يُؤمن كونُه خطأ، وأخبارٌ بما لا يُؤمن كونهُ كذباً، دل الدليل على قبول العُدول، وبقي الكافران والفاسقانِ على الأصل.
أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات،