للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أنَّ الحجة لله تعالى قد تمَّت قبل نَصْبِنَا ونصبكم للبراهين (١) بما خلق (٢) الله لهم من العقول، وأرسل إليهم من (٣) الرسل، فكما إنهم لو ماتوا على كفرهم قبل مناظرتكم (٤) لهم، حسن من الله تعالى أن يعذبهم، فكذلك يحسن (٥) منا قبل المناظرة قتالهم قاطعين بأن الله تعالى قد أقام الحجة عليهم، مقتدين في ذلك برسله الكرام وسائر أئمة الإسلام، ويقال للمتكلمين: هل تحكمون على الكفار قبل مناظرتكم لهم وفي خلالها بأنهم معذورون لا إثم عليهم أو لا؟

إن قالوا بالأول، خالفوا الإجماع، بل ضرورة الدين.

وإن قالوا بالثاني، فالحكم الذي حكمتم به عليهم بعد المناظرة قد كان حاصلاً لهم قبلها، وإن كان (٦) قصدكم بالمناظرة أن تعلموا عنادهم، فهو أيضاً معلومٌ قبلها إذ لو لم يكونوا معاندين، كانوا معذورين، كما قال موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِر} [الإسراء: ١٠٢]، وإن كان قصدُكم بمناظرتهم تمكينهم (٧) من معرفة الله تعالى فقد مكنهم الله تعالى من ذلك، وهو غيرُ مُتَّهَمٍ في عدله وحكمته، وإقامة حجته (٨)، وفي الحديث الصحيح أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أحدٌ أحبَّ إليه العُذرُ من الله، من أجلِ ذلك أرسل الرُّسُل


(١) في (ش): البرهان.
(٢) في (ش): يخلق.
(٣) ساقطة من (ش).
(٤) في (ش): مناظرتهم.
(٥) في (ش): وكذلك نحن يحسن.
(٦) " كان " ساقطة من (ش).
(٧) في (ش): تمكنهم.
(٨) في (ش): حجيتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>