للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل الكتب" أو كما قال، رواه البخاري (١) وغيره، وقال الله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: ١٣٤]، إلى أمثال ذلك من النصوص الدالة على أن حجة الله قد وضحت، وقامت على الخلق من قبل مناظرة الدَّرَسَة، وخيالات المبتدعة، ووساوس المتكلمة، وتحكُّمات المتكلّفة، ولكنهم كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِين} [النمل: ١٣]، وقال تعالى حاكياً عن موسى عليه السلام لما قال له (٢) فرعون: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (١٠١) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: ١٠١، ١٠٢]، وقال: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤].

وإن كان مرادُكم الفصل بين المختلفين، وجمع كلمة العالمين (٣) أجمعين فذلك غير مقدورٍ عند أهل السنة لأحد من المخلوقين (٤)، ولا يَقْدِرُ عليه عندهم، ولا يفصل بينهم إلاَّ ربُّ العالمين كما قال سبحانه في كتابه المبين: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد} [الحج: ١٧]، ولهذا سمَّى الله يوم القيامة يوم الفصل، والعَجَبُ من المعتزلة أنَّ مذهبهم أن هداية الكفار والضلال غير مقدورةٍ (٥)


(١) (٧٤١٦)، وقد تقدَّم تخريجه ١/ ١٧٠.
(٢) في (ش): قاله.
(٣) في (ب): كلمة رب العالمين، وهو خطأ.
(٤) في (ب): الخلق.
(٥) في (ش): مقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>