المتواتر لفظُها، المعلومِ معناها، أو الإِجماع الضروريِّ اللفظيِّ المنقولِ بالتواتر عن لفظِ كُلِّ مجتهدٍ من أهل عصرٍ مِنْ علماءِ الإسلام، ومرحباً بالوِفاق.
فأما إن السَّيِّدَ يدَّعي أنَّها قطعيَّة، ويحتجُّ بقول الشاعر، ثم بما رُوِيَ عن الشافعي، ثم بأنَّه ما درى كيفَ يقولُ إذا سُرِقَتِ الكُتُبُ، فما هذا ينبغي مِن مثله، ولا يليقُ بعلمه وفضله.
قال: وربَّما يُرِيدُونَ بالرجوع إلى كتبه في شيء يسير كتصحيحِ لفظِ خبرٍ، أو إسنادٍ، أو نحوِ ذلك.
أقول: ثم إنَّ السَّيِّدَ حام على دعوى الإجماع على ما اختاره، ولما يَقْطَعْ، فشرع يَتَرَجَّى لِمن خالفه القربَ من مخالفته، ويتأولُ لهم نصوصَهم القاطِعة بمخالفته.
فنقول له: إن كانُوا نصُّوا على خلاف ما ذَهَبْتَ إليه، فما الموجبُ للتأويل؟ فإنَّ دعواك على العالِم أنَّه أرادَ غيرَ الظاهر مِن كلامه يحتاج إلى بيان، وإنما جاز تأويل كلام الله تعالى ورسوله -عليه السّلام- فيما يُعْلَمُ قطعاً أن ظاهِرَه قبيحٌ، لما دلَّ الدليلُ القاطِعُ على أنَّ الله تعالى لا يجوز أن يُرِيدَ إلَّا المعنى الصحيحَ، وكذلك رسولُه - صلى الله عليه وسلم - ولو جاز مِثْلُ هذا، لأمكن كُلَّ أحد مثلُ هذه الدعوى لِموافقة العلماء له على مذهبه، وهذا ما لا يَعْجِزُ عنه أحد، ثم إنَّ السَّيِّد -أيّدَة الله- صدَّر التأويلَ لِكلامهم بـ " رُبَّما "، وغيرُ خافٍ عليه -أيَّدَهُ الله- أنَّ " رُبَّمَا " و" لعل " و" ليت " و" عسى " ونحوَهَا مِن ألفاظ التردد والترجِّي والتأهُّلِ والتمنّي لا يصلُح إيرادُها في المناظراتِ الجدلية، ولا يليقُ ذِكْرُها في المسائِل العلمية.
قال: ومن تأمَّلَ كلامَ الغزاليِّ قبلَ هذا وبعدَه، وفي غيرِه مِن كتبه، علم