للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَلَجُ (١) لملائكة الرحمة (٢) وكيف لا يكون لهم وإنَّما رحمتُهم جزءٌ يسيرٌ من رحمة الله العظمى الغالبة السابقة التي كتبها على نفسه، ووسِعَتْ كلَّ شيْءٍ على حدِّ سَعَةِ عِلْمِه الذي لا يُتَصوَّرُ بشيْءٍ أوسع منه.

وفي حديث خصومة الملائكة عليهم السلام في هذه المسألة الكبرى مأخذٌ حسنٌ في حَمْلِ الفريقين على السلامة، وترجيح جانب الرحمة، ورجاء نجاة الجميع برحمة الله، فإن الوعيدية إنما شدَّدوا على العُصاة غَضباً لله تعالى عز وجل، وخَوْفاً من مفاسد الأمان، كما فعلت ملائكة العذاب. وأهل الرجاء إنما قصدوا عدم القُنوطِ من رحمة الله لسَعَتها، وتمدُّحه بذلك، وعظيم غناه، وخوفاً من مفاسد القُنوط، وتكذيب البُشرى، لا ترك الخوف والترخيص في المعاصي (٣)، فلما لم يعنِّف أحداً من الطائفتين المختلفتين في ذلك من الملائكة، رَجَوْنا مثل ذلك في حقِّنا إن شاء الله تعالى.

فإذا عرفت هذا، فلنقتَصِر على إيراد شَيْءٍ يسيرٍ من الوعيد المختصِّ بأهلِ الإسلام من الآيات والأخبار الصحيحة عنه عليه السلام.

فمِنْ ذلك: قوله تعالى فيمن أثنى عليهم: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} [المعارج: ٢٧ - ٢٨].

وقوله تعالى في خطاب المؤمنين: {واتَّقُوا النَّار التي أُعِدَّت للكافرينَ} [آل عمران: ١٣١]، وقوله فيهم خاصةً في آية الرِّبا: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ من الله ورسولِه} [البقرة: ٢٧٩]، ولعلَّه أشدُّ وعيدٍ قُوبِلَ به أهل الإيمان، وهي فيهم في لفظها، وفي أسباب النُّزول. وفي الحديث الصحيح أن أكل الربا من المُوبِقَاتِ (٤).

وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "درهم


(١) الفوز والظَّفر.
(٢) انظر ١/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٣) من قوله: " من رحمه الله " إلى هنا ساقط من (ش).
(٤) انظر ص ٩٣ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>