للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَفَتْهُ به رسلُه مما تواتر عنهم في جميع الأديان يُعلم بطلان الوجه الثاني الذي تمسَّك به بعضُ المعتزلة في تكفير بعض الصفاتية الذين (١) افتري عليهم اسمُ (٢) المجسمة، وهو الإجماع، فإنَّ كثيراً منهم اسْتَرَكَّ الاستدلال على كفرهم بردِّ المعلوم من السمع لأنهم أشدُّ الناس إيماناً بالسمع، وإنما كفَّرَهُم هؤلاء لشدة ملاحظتهم للسمع، فعرفوا أن طريق (٣) تكفيرهم برد السمع الذي هو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ركيكٌ لا سيّما عند من يعرِفُ شروط الأدلَّة القاطعة (٤)، ويعرِفُ أنَّ التكفير لا يكونُ إلاَّ بجحد (٥) معلوم ضروري أو بدليل معلوم قطعي، فعَدَلُوا عن ذلك إلى الإجماع لما شاع بينهم من أن الإجماع قطعي، وهذه غفلة عظيمة لوجوه.

الوجه الأول: أن (٦) المدعى بالإجماع هو كفرُ المُشَبِّهةِ، وهذا صحيح لكن فيه غِلاظٌ خفي، وهو أنه مبنيٌّ على مقدمتين:

إحداهما (٧): أن هؤلاء مُشبِّهةٌ.

وثانيهما: أن المشبِّهَة كفارٌ، وموضع الإجماع هو المقدمة الأولى فسكتُوا من تصحيح الإجماع فيها وأغفلوها، وهي موضعُ النِّزاع (٨)،


(١) في (ب) و (ش): الذي.
(٢) في (ب): " بعض "، وفي (ش): " لفظ ".
(٣) في (د): شدة.
(٤) في (ش): القطيعة.
(٥) في (ب) و (ش): بحجة.
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب) و (د): أحدهما.
(٨) في (ش): موضع النزاع فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>